تواصل جائحة كوفيد-19 العالمية في إحداث تأثير سلبي على النتائج المالية لشركات النفط والبتروكيميائيات العملاقة العالمية حيث انعكس كل من فقدان الطلب الناجم عن الوباء، وبيئة الاقتصاد الكلي المتقلبة المرتبطة بالاستجابة العالمية للجائحة على أحدث عائدات المنتجين. ومع استمرار الوباء في طرح تحديات لم تصادفها من قبل، تعتقد معظم الشركات الآن أن النتائج المالية من المرجح أن تظل منخفضة في الربع الثالث. وفي الولاياتالمتحدة تعرضت شركتان أمريكيتان رئيسيتان للخسائر المستمرة حيث أثر انخفاض الأسعار والهوامش وأحجام المبيعات بشكل كبير على نتائج الربع الثاني لكلا الشركتين، بعد أن أعلنت شركة إكسون موبيل عن خسارة تقدر بنحو 1.1 مليار دولار في الربع الثاني، بينما أعلنت شركة شيفرون عن خسارة قدرها 8.3 مليارات دولار لنفس الفترة. وتحولت شركة أخرى للطاقة متعددة الجنسيات مقرها الولاياتالمتحدة، فيلبس 66 إلى خسائر هذا الربع حيث أعلنت الشركة عن خسارة 141 مليون دولار للربع الثاني 2020، مقارنة بخسارة 2.5 مليار دولار في الربع الأول من العام ذاته. وعزت الشركة سبب الخسارة بعد تعطل الطلب على المنتجات المكررة من الوباء وضعف الهوامش عبر أعمالهم وهي من الأسباب الرئيسية وراء أدائهم الفصلي المتردي. وفي أوروبا أعلنت شركة ليونديل بازل ومقرها الرئيس في هولندا، عن صافي دخل للربع الثاني بلغ 314 مليون دولار، بانخفاض كبير عن حوالي مليار دولار تم الإبلاغ عنها في نفس الفترة من عام 2019. وبلغت الأرباح قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك وإطفاء الدين في الربع الثاني للشركة 760 مليون دولار مقارنة ب1.57 مليار دولار في الربع الثاني من العام الماضي. وعلي الرغم من أن الشركة أفادت بأن أعمالها التجارية الخاصة بالأوليفينات والبولي أوليفينات قد استفادت من الطلب القوي على البوليمرات المستخدمة في تطبيقات التعبئة والتغليف والرعاية الصحية التي يحركها المستهلكون، فقد انخفض الدخل قبل احتساب الفوائد والضرائب والاستهلاك وإطفاء الدين في قطاعي الشركة في الولاياتالمتحدة إلى 425 مليون دولار أمريكي مقارنة بالربع الثاني من عام 2019. وشهدت أعمال الأوليفينات والبولي أوليفينات في أوروبا وآسيا، والأسواق الدولية الأخرى انخفاضًا في الأرباح قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك وإطفاء الدين بمقدار 112 مليون دولار عن الربع الثاني لعام 2019. وفي الوقت نفسه، تجنبت شركة توتال إس إيه الفرنسية، ورويال داتش شل خسائر خلال الربع الثاني بصعوبة. وقد تضرر صافي الدخل الفصلي لكلتا الشركتين بشكل كبير حيث واجهتا ظروفًا استثنائية أوجدتها أزمة كوفيد19. فسجلت شل انخفاضًا بنسبة 82٪ في الأرباح المعدلة عند 638 مليون دولار للربع الثاني من عام 2020. بينما انخفضت أرباح توتال الفرنسية المعدلة بنسبة 96٪ إلى 126 مليون دولار. فيما يتعلق بأعمال الكيماويات، قالت شل إن معظم قطاعات السوق النهائية قد تأثرت سلبًا ولكن طلب منتجات التنظيف والمطهرات زاد. وانخفض صافي ربح "توتال" في مجال التكرير والمواد الكيميائية بنسبة 20٪ عن العام الماضي، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى التدهور الشديد في هوامش التكرير وانخفاض استخدام المصانع. ومع ذلك، لم تستطع شركة بريتيش بتروليوم ومقرها المملكة المتحدة تجنب الخسارة خلال الربع وسجلت خسارة فصلية قياسية بلغت 6.7 مليارات دولار، مقارنة بأرباح قدرها 2.8 مليار دولار لنفس الفترة من العام السابق. والإشارة إلى تأثير انخفاض أسعار النفط وهوامش التكرير الضعيفة للغاية، فضلاً عن انخفاض الإنتاج وانخفاض الطلب على الوقود، على أنها الأسباب الرئيسة وراء الخسارة القياسية. كما انخفضت عائدات شركة بكن اورلين البولندية بنسبة 42٪ على أساس سنوي لتصل إلى 17 مليار زلوتي بولندي، ويرجع ذلك أساسًا إلى انخفاض أسعار منتجات التكرير والبتروكيميائيات الناتجة عن انخفاض أسعار النفط الخام وانخفاض حجم المبيعات. بالإضافة إلى ذلك، انخفض العائد قبل احتساب الفوائد والضرائب والاستهلاك والإطفاء للبتروكيميائيات للشركة بمقدار 457 مليون زلوتي بولندي على أساس سنوي بسبب التأثير السلبي لانخفاض حجم المبيعات والتدهور الكلي. وأفادت سيبور، أكبر شركة بتروكيميائية في روسيا، أن إيراداتها انخفضت بنسبة 11.6٪ على أساس سنوي إلى 235.3 مليار روبل روسي (3.46 مليارات دولار) على خلفية ديناميكيات الأسعار السلبية في معظم مجموعات المنتجات. ومع ذلك، أضافت الشركة الروسية أن هذا تم تعويضه جزئيًا بزيادة قدرها 58.2٪ في الأوليفينات والبولي أوليفينات. وبناءً على ذلك، زادت عائدات الشركة من قطاعي الأوليفينات إلى 77.7 مليار روبل روسي (1.06 مليار دولار)، مع ارتفاع أحجام الإنتاج. وفي نفس المنحى، في الهند وشرق آسيا أيضاً شهدا تأثر لقطاع البتروكيميائيات بقيادة شركة ريلاينس الهندية سلبًا بسبب انخفاض الطلب وزيادة العرض العالمي. وانخفضت عائدات الشركة من أعمال البتروكيميائيات بنسبة 33٪ لتصل إلى 252 مليار روبية هندية (3.4 مليار دولار). وفي اليابان انخفض الدخل التشغيلي لشركة اساهي اليابانية بنسبة 27.2٪ إلى 30 مليار ين ياباني (284 مليون دولار) بسبب انخفاض حجم الشحن وانخفاض أسعار السوق للمواد الأولية البتروكيميائية وسط الوباء. ويبلغ متوسط واردات الخام الياباني من المملكة 1.09 مليون برميل في اليوم وتمثل حوالي 35 ٪ من إجمالي واردات النفط اليابانية. إلا أن شركة أرامكو تشحن حمولات من النفط الخام من مخزوناتها المؤجر في أوكيناوا لعدة مصافي يابانية، منها مصفاة "شوا شل" التي تعد أرامكو ثاني أكبر مساهم في هذا الكيان المشترك الذي يعزز مكانة أرامكو كأكبر مورد للنفط الخام للمصفاة بطاقة مليون برميل في اليوم. وتفخر شركة أرامكو السعودية بأنها المورد الرئيس للنفط الخام للشعب الياباني الذي يعد ثالث أكبر مستهلك للخام السعودي في العالم. وتزعمت أرامكو، أكبر منتج مستقل للنفط الخام والغاز الطبيعي في العالم، قائمة الشركات العالمية الكبرى للنفط في صافي الدخل حيث انفردت أرامكو بصفتها أقوى شركة للطاقة المتكاملة في العالم بتسجيل صافي دخل قدره 6.6 مليارات دولار للربع الثاني من 2020. في حين سجلت كافة نظيراتها على إثر تداعيات الجائحة خسائر ضخمة اضطر بعضها لدمج خطوط الإنتاج وأخرى لتقليل معدلات التشغيل، أو تصفية بعض القطاعات، وإعلان افلاس كثير من شركات النفط الصخري، بينما لم تتعطل إمدادات أرامكو من البترول والغاز والتكرير والكيميائيات حيث عملت كافة معاملها ومصافيها وفق معدلاتها التشغيلية بالتكنولوجيا المتطورة التي لا تتطلب التعامل البشري المباشر.