يذعن بعض المنتجين بخفض إنتاجهم عندما لا يستطيعون تمرير زيادة إنتاجهم على حساب الآخرين وعندما تكون أسعار النفط منخفضة جداً إلى مستوى تكلفة الإنتاج والأسواق متخمة بالمعروض، لكن عندما تبدأ الأسعار في الارتفاع يبدأ هؤلاء المنتجون بزيادة إنتاجهم وبدون مبالاة وعلى حساب كبار المنتجين الذين عهدنا تاريخياً بالتزامهم بحصصهم الإنتاجية من أجل موازنة الأسواق العالمية. وسوف يعيد التاريخ نفسه مرة أخرى باستمرار سلوك هؤلاء الأعضاء بعدم امتثالهم بخفض إنتاجهم حتى ولو أبدوا رغبتهم، فإن التعويل على موازنة السوق يعتمد على تحسن أساسيات السوق على المديين المتوسط والطويل. فقد سعت السعودية بقيادتها أوبك+ بإحكام قبضتها على فرض الالتزام بالحصص المخصصة لأعضائها ومعاقبة غير الملتزمين بتعويض نسبة التجاوز بزيادة تخفيضهم إنتاجهم في الأشهر التالية، مما أفضى إلى رفع مستوى الالتزام إلى مستويات مرتفعة، وسيستمر الالتزام في ظل الظروف الحالية مع ارتفاع مستوى المخزونات العالمية وضعف الطلب العالمي على النفط الذي سينخفض بأكثر من سبعة ملايين برميل يومياً، ولكن مازالت هناك مخاوف حقيقية من ارتفاع إنتاج أوبك+ تزامناً مع بداية انتعاش الطلب على النفط. وبناءً على توقعات إدارة معلومات الطاقة الأميركية في أغسطس 2020 تم حساب معدلات النمو، حيث تراجع الاستهلاك العالمي من النفط (-10.3 %) إلى 85.01 مليون برميل يومياً، والإنتاج العالمي (-8.8%) إلى 91.84 مليون برميل يومياً في الربع الثاني/2020. وسوف ينمو الاستهلاك (11.7 %) إلى 94.96، بينما سيستمر تراجع لإنتاج (-1.6 %) إلى 90.38 مليون برميل يومياً في الربع الثالث/2020. ثم تبدأ العلاقة بين الاستهلاك والإنتاج تأخذ مسارها الطبيعي والإيجابي بداية من الربع الرابع/2020 وحتى نهاية الربع الرابع/2021، حيث سينمو الاستهلاك (2.9 %) إلى 97.74، (0.9 %) إلى 98.60، (1 %) إلى 99.56، (1.6 %) إلى 101.10، (0.3 %) إلى 101.36 مليون برميل يومياً على التوالي، مقابل نمو الإنتاج إلى (4 %) 93.98، (3 %) 96.77، (2.7 %) 99.37، (1 %) 100.39، (0.5 %) إلى 100.90 مليون برميل يومياً. فمازال القلق ينتاب الكثير من المنتجين رغم انخفاض مخزونات النفط الأميركي في الأسابيع الماضية، فقد يتقلص هامش السحب بشكل كبير وتبدأ المخزونات في الارتفاع مرة أخرى في ظل زيادة أوبك+ لإنتاجها، حيث من المتوقع تراجع المخزونات 4.58، 3.76، 1.83، 0.19، 0.72، 0.45 مليون برميل في الربع الثالث والرابع/ 2020 وحتى نهاية الربع الرابع/2021 على التوالي (ُEIA). كما توقعت وكالة الطاقة الدولية أن يستهلك العالم هذا العام ما معدله 92.1 مليون برميل يومياً في 2020، بينما توقعت أوبك أن ينخفض الطلب العالمي إلى 91.1 مليون برميل يومياً في 2020، قبل ارتفاعه إلى 98.1 مليون برميل يومياً في 2021. فإننا نتطلع إلى تحسن أداء أساسيات أسواق النفط العالمية ومنحها فرصة تحفيز الاستثمارات وزيادة الإيرادات المالية للمنتجين.