مثلما أنهت المملكة العام الدراسي الماضي «عن بُعد»، تبدأ العام الدراسي الجديد اليوم أيضاً «عن بُعد»، حفاظاً على سلامة أكثر من ستة ملايين طالب وطالبة، وحمايتهم من الإصابة بفيروس كورونا المستجد، الذي ما زال يهدد دول العالم، ومنها المملكة، رغم التراجع الكبير والمُطمئن لأعداد المصابين بالفيروس في المناطق السعودية، وزيادة نسبة التعافي وتجاوزها ال90 في المئة.. بالتزامن مع عودة موظفي القطاع العام إلى كافة مقرات العمل مع الالتزام بتطبيق البروتوكولات الوقائية. لقد أثبتت المملكة في ظل جائحة كورونا، أن لديها بنية تحتية رقمية بمواصفات عالمية، استثمرتها بنجاح في تسيير أعمال الدولة عن بُعد، وتقديم الخدمات المتنوعة للمراجعين، كما استفاد منها القطاع الخاص بفعالية في متابعة أعماله ومشروعاته، وظهرت إمكانات هذه البنية وكفاءتها المثالية بشكل أوضح في العملية التعليمية، التي واصلت مسارها الطبيعي في العام الدراسي الماضي عبر المنصات الإلكترونية التي أنشأتها وزارة التعليم لإنجاح الفصول الافتراضية ومساعدتها في أداء رسالتها. قرار المملكة بأن تكون بداية العام الدراسي الحالي «أون لاين» لمدة سبعة أسابيع، سبقته تجهيزات وترتيبات تقنية مبكرة وضخمة، بل و»استثنائية» على أعلى مستوى، بهدف تعزيز نجاح العملية التعليمية عن بُعد، والوصول بها إلى أبعد نقطة من الاحترافية والمهارة والمهنية، أبرز هذه الاستعدادات، تجهيز منصة «مدرستي» ودعمها بأدوات التواصل الخاصة، مع استمرار الاستفادة من البث لقنوات «عين الفضائية» على فترات متكررة خلال اليوم لتغطية جميع الظروف والمراحل الدراسية، وسيكون لكل صف دراسي قناة خاصة به، إضافة لما يُؤرشف على قنوات «اليوتيوب»، بما يضمن وصول المعرفة للطلاب والطالبات باختلاف ظروفهم ومراحلهم الدراسية، ويحقق أعلى نواتج تعلّم ممكنة في ظل الظروف الاستثنائية لجائحة كورونا. لا يمكن التأكيد على أن البنية التحتية الرقمية العملاقة للمملكة، هي نتاج جائحة كورونا، بقدر أنها توجه عام، دعت إليه رؤية المملكة 2030، وساهمت الجائحة في تسريع وتيرتها، فالرؤية اعتبرت البنية التحتية الرقمية مُمكّناً أساسياً لتعزيز أهداف الحكومة الإلكترونية، وبناء أنشطة صناعية متطورة، وجذب المستثمرين، وتحسين تنافسية الاقتصاد الوطني، لذلك لم تتردد المملكة لحظة واحدة في تطوير هذه البنية، وبخاصة تقنيات النطاق العريض عالي السرعة لزيادة نسبة التغطية في المدن وخارجها وتحسين جودة الاتصال، بالشراكة مع القطاع الخاص. اليوم.. يمكن وصف هذه البنية بأنها عملاقة ونموذجية والأكثر تطوراً في المنطقة والعالم، ليس بشهادة المملكة، وإنما بشهادة المنظمات والجهات الدولية، التي تابعت عن كثب، كيف طوعت المملكة تقنية المعلومات لصالحها، وكيف أسست لحقبة جديدة من آليات العمل الجاد، التي تعتمد على كل ما هو جديد في التقنيات الحديثة، توفيراً للوقت والجهد معاً.