عاشت إنجلترا في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي صراعاً ثقافياً كبيراً مع أحمر الشفاه. حيث أصدر البرلمان قراراً يبطل زواج المرأة من الرجل ويتهمها بالشعوذة إذا حاولت إغواءه بأحمر شفاهها وزهر خدودها لتوقعه في فخ الزواج. وفي أوائل القرن التاسع عشر صرحت الملكة فكتوريا، علناً أن التبرج أمر غير مهذب وخاصة أحمر الشفاه الذي كان يعتبر الأكثر فظاظة، وهنا ظهرت موجة مثيرة للاهتمام إذ حاولت النساء وضع استراتيجيات للتهرب من الحظر الاجتماعي على استخدام مستحضرات التجميل وأصبحت هناك مؤسسات سرية لبيعها. في انطلاقة القرن العشرين أقدمت شركة فرنسية على إنتاج أول أحمر شفاه على شكل إصبع صغير لزبائنها الأرستقراطيين. وعشية اندلاع الحرب العالمية الأولى أصبح ذلك الأحمر الصغير في متناول يد الجميع، برغم حظر استخدامه في بعض الولايات لمن هن دون ال»44» عاماً، وفي الخمسينيات من القرن الماضي تحولت رمزية أحمر الشفاه إلى لمسة تجميلية لأي لباس لتبدو امرأة مثل ماريلين مورنو وإيفا غاردنر، وهل تجرؤ اليوم المرأة العربية أن تخرج للشارع دون هذا الأحمر؟ الذي تصرف على شرائه وملحقاته أكثر مما توفره لبيتها من الضرورات والعناية بصحتها العامة والركض وراء البريق يفقد المرأة الكثير من العقلانية.