تضمنت أهداف رؤية 2030 الطموحة هدفاً يقضي بزيادة الحجاج والمعتمرين إلى ثلاثين مليون حاج ومعتمر سنويا.. هذا الهدف الطموح ذكرني بقصة شاب نشيط ومكافح من مدينة جدة اسمه أيمن.. كان أيمن يستقبل بسيارته الخاصة الحجاج والمعتمرين من مطار الملك عبدالعزيز بجدة ويقوم بنقلهم إلى الحرم الشريف لأداء العمرة، لكن صاحبنا أيمن لا يكتفي بإيصالهم إلى وجهتهم فقط، بل كان يقدم لهم المشورة والتوصيات في كل ما يتعلق برحلتهم، كان يدلهم على المسكن المناسب وأماكن التسوق إضافةً إلى الأماكن السياحية والأثرية في منطقة مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة.. كان أيمن أكثر من مجرد سائق، كان أقرب ما يكون إلى مرشدٍ سياحي متطوع لكنه لا يمانع في الحصول على مقابل مالي لخدماته. واصل أيمن نشاطه هذا بضع سنوات، الذي اتخذه رافداً لمرتبه الشهري الذي يتقاضاه من وظيفته الحكومية. وفي يوم من الأيام استقبل أيمن مجموعة من المعتمرين.. هذه المجموعة كانت عائلة خليجية تبدو عليها علامات الثراء. وبعد أن توسمت العائلة فيه الأمانة وحسن الخلق اتفقت معه على أن يقوم بمرافقتها طيلة مدة إقامتها مقابل ملبغٍ مجزٍ. وافق أيمن على العرض الكريم، وبدأ رحلته معهم حسب المتفق عليه. أوصلهم إلى مكةالمكرمة ليؤدوا مناسك العمرة، وبعد أن أتموا مناسكهم توجهوا للراحة في فندقهم المجاور للمسجد الحرام. بعد أن ارتاحوا بضعة أيام بدؤوا جولتهم السياحية مع أيمن انطلاقاً من مكةالمكرمة ثم إلى مدينة جدة ثم بعد ذلك توجهوا لزيارة المدينةالمنورة. هذه العائلة الكريمة - التي قضت أسبوعين كاملين في منطقة مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة في أجواء روحانية - عندما عادت إلى بلدها عرّفته على عدة عائلات أخرى وأوصتهم بالتعامل معه وقامت بالترويج له بعد ما لمست سيرته الحسنة وكفاءته في العمل. بعد مدة ليست بالطويلة بدأ عملاء أيمن بالتزايد وكوّن قاعدة عريضة من الزبائن الذين يتصلون به لاستقبالهم والإشراف الكامل على زيارتهم للأماكن المقدسة. أيقن صديقي أيمن أن هذه المهنة هي الأقرب إلى نفسه والأنسب لشخصيته التي لا تنسجم مع الوظيفة الحكومية وأنها الخيار الأفضل لتحقيق طموحه وعلاقات وثيقة مع الناس في هذه المهنة الفائقة المرونة لأنها لا تجبره على الارتباط بساعات عملٍ مُحددة. بعد أن يزداد عدد الحجاج والمعتمرين والزوار للأراضي المقدسة حسب أهداف رؤية 2030 الطموحة سوف يزداد طالبو مثل هذه المهنة وشاغلوها من الشباب السعودي بالإضافة إلى وظائف أخرى مُساندة سوف تنشأ تلقائياً استجابة لحاجات الحجاج والمعتمرين، الأمر الذي سيحقق دخلاً مُجزياً لشباب الوطن عبر الفُرص الكبيرة للتوظيف، حينها سوف تكون البطالة بين المواطنين في «خبر كان» وحكاية تُروى. إن كون حكومتنا تتشرف ببذل الجهود المادية والبشرية السخية لخدمة الحجاج والمعتمرين دون مقابل، لكنها فرصة لشباب الوطن من هذا الموسم العظيم أن يستفيد؛ فالحج موسم للعبادة وموسم للمنافع التجارية أيضاً.