الكل يتحدث عن الحياة ما بعد جائحة كورونا المستجد، مؤكدين أنها ستتغير بطبيعة الحال؛ عادات جديدة قد تدخل علينا، أعمال مختلفة، نسق مُغاير في جميع مناحي الحياة، والإعلام والفنون بمختلف مجالاتهما جزء لا يتجزأ من هذا التغيير، حيث لمسنا تغيراتهما خلال الأشهر الماضية. شاهدنا كيف أصبحت ثقافة الجلسات الفنية يتم بثها من بيوت الفنانين وبتقنيات عالية وبأساليب جديدة ومختلفة وبوسائل إعلامية تتواكب مع تقنيات التواصل الاجتماعي الحديثة من التطبيقات الخاصة بالبث التلفزيوني، الأمر تم الاعتياد عليه حالياً، حتى أنه وصل الأمر لبث أغانٍ لمطربين شباب عبر تقنية اليوتيوب لحفلات مباشرة وبإمكانيات فنية لا تُقارن بإمكانيات القنوات الفضائية، لكنها حققت مشاهدات وحضوراً لم يكن متوقعاً. والحال مع الأعمال الدرامية، تم تقليص أيام التصوير وتم الاقتصاد بالميزانيات وتم الاهتمام ببعض الأعمال بالمحتوى من ناحية الكيف وليس الكم!، والتي اعتدنا عليها منذ عقود في تمطيط بعض الأعمال واستغلال مواقع تصوير وعرض مشاهد ليس لها دخل بالعمل. من ضمن المتغيرات أيضاً، لاحظنا ارتفاعاً كبيراً بذائقة المشاهدين، حتى أن العودة للأعمال القديمة أعطت بعداً آخر لما يطلبه المشاهدون وليس ما تفرضه بعض القنوات بذريعة "الجمهور عاوز كده"! المحتوى الجيد هو الباقي وهو الخيار الأهم لمستقبل ما بعد الجائحة، كونها وبحكم فترة الحجر المنزلي الطويل الذي مرّ علينا، أعطتنا فرصة للمشاهدة والتركيز على ما يتم تقديمه من أعمال تلفزيونية بمختلف مجالاتها، بعد أن وصلنا لمرحلة أشبه ما تكون بالموت السريري لجهاز التلفزيون حسب دراسات موثقة ومستقبلية. المستقبل ليس للحفلات الفنية الباذخة التي اعتدنا عليها، ليس للاهتمام بالإبهارات المسرحية، التفاصيل البسيطة بقيت في ذاكرة الناس، وكذلك الحال مع التلفزيونية، حتى احتفاليتنا بذكرى رحيل نجومنا اختلفت، أكرر أصبحنا أكثر قرباً، والدليل ما لاحظناه مع ذكرى رحيل طلال مداح -رحمه الله- بصورة مختلفة وأكثر دفئاً رغم مرور عشرين عاماً. المهمة كبيرة على مسؤولي القنوات الفضائية وعلى الترفيه والأهم وزارة الثقافة، لأن استخدام وسائل التقنية مهمة، والتفكير خارج الصندوق هو الأهم في مقبل الأيام، عندما اكتشفنا أن هناك أموراً كثيرةً كنا غائبين عنها!، البرامج التلفزيونية المبتكرة عن السياحة الداخلية، أصبحت جاذبة لأن أفكارها جديدة، المستقبل للأعمال التلفزيونية ولمستقبل المواهب، وهذه من الإيجابيات التي من المفترض أن نستفيد منها.