الدول المتقدمة والمتطورة في المجال النووي لم تستطع يوماً ما التحكم الكامل والسيطرة على المفاعل النووية والمواد القابلة للتفجير والتي راح ضحيتها مئات وآلاف الضحايا على الرغم من اتخاذها كافة التدابير الوقائية عالية المستوى، ولعل التاريخ يسعفنا بحادثة انفجار مفاعل ثري مايلز آيلاند في الولاياتالمتحدةالأمريكية عام 1979م، أو في روسيا عندما حصل الانفجار العظيم لمفاعل تشر نوبل النووي عام 1986م، وفي اليابان أيضاً، عندما انفجر مفاعل فوكوشيما العام 2011م، فإذا كان هذا هو حال الدول المتقدمة علمياً وتكنولوجياً ومستقرة سياسياً، فكيف الحال بدولة مهترئة اقتصادياً، وتعد مختطفة سياسياً من قبل عصابة مجرمة يقودها إرهابي لا يفقه سوى لغة القتل والتفجير. لا شك أن تفجيرات مرفأ لبنان الأخيرة تحمل في مضمونها دلالة صريحة على مدى رداءة وخسة حزب الله، وتخاذله في حماية اللبنانيين مقابل سعيه الحثيث لإرضاء أسياده وملاليه في طهران، فعصابته المجرمة في الضاحية الجنوبية لا ترتضي أبداً بالحكومات القوية الفاعلة في العاصمة بيروت، وكم شهدت السنوات الأخيرة من تعطيل متعمد لحركة الحياة اليومية، وإنشاء فراغ سياسي في الحكومة بسبب التعنت الأديولوجي العقيم لنصرالله، وإصراره على تشكيل الحكومة المهترئة والعاجزة عن تقديم برامج التنمية والإصلاح، فكانت أحداث مرفأ بيروت الأخيرة هي النتيجة الطبيعية لسلوك حزب الله الإرهابي. على الرغم من الهجوم العدائي من بعض وسائل الإعلام في لبنان تجاه المملكة العربية السعودية وقيادتها إلا أن المملكة سارعت في مد يد العون تجاه أشقائها اللبنانيين المتضررين من أحداث التفجير دون تردد أو حسابات سياسية، وبهذا أثبتت الرياض فعلاً أنها عاصمة العرب الأولى، وأن سياسة المملكة تربأ بمنهجيتها السامية عن صغائر الأمور عندما مدت جسراً جوياً متكاملاً من الطائرات المحملة أطناناً من الأدوية والأجهزة والمحاليل والمستلزمات الطبية والإسعافية، بالإضافة إلى الخيام والحقائب الإيوائية والمواد الغذائية. وأخيراً، عندما يظهر حسن نصرالله أمام وسائل الإعلام بخطابه الممجوج وينكر معرفته وعلمه أن ميناء بيروت يعج بأطنان متراكمة من نترات الأمونيوم الخطرة وهو زعيم التفجيرات والاغتيالات في لبنان والمنطقة، فهذا يعكس مدى انحطاطية منهجه السياسي ورداءة وانعدامية وطنيته المرتهنة لصالح إيران، ولعل ابتساماته الهادئة أثناء إلقاء خطابه وغير المتلائمة مع جسامة الحدث اللبناني تخبرنا أن لبنانوبيروت آخر اهتماماته الفعلية، ولهذا قال البعض متهكماً ربما لأن الانفجار والضحايا في بيروت وليس في طهران!!.