لم يطرق فيروس كورونا أبوابنا، بل اقتحم حياتنا، وكأنه اتخذا قراراً جاداً قائلاً: "جئت لأغير أنماط الحياة، سأترك على أجسادكم، بل عقولكم وأرواحكم علامات، وكل علامة كالندبة الغائرة من الجروح التي لا تبرأ مع مر السنين". كبلتنا الصدمة وتعثرنا، ولم نفق منها حتى وقت قريب، فقررت أن أكون أقوى وأرسخ وأثبت قدماً في الأرض، وقررت أيضاً أن أتعامل مع هذا الضيف الثقيل غير المرغوب فيه، فالحياة لا تحتمل أن يسيطر علينا الحزن، إن اعتلت صحتنا، أو تقيدت حريتنا، فلدينا الكثير الذي يجعلنا نتفاءل، ولكن علينا أن نكتشف بوصلة الإحساس والمشاعر لدينا، فهل مازالت لدينا القدرة على الاندهاش؟ إذا كنا قادرين على الاندهاش، قادرين على الحلم على التفكير، على التعامل الصادق مع الأزمات، فنحن بلا شك على قيد الحياة.. وتلك هي المعادلة التي نعمل على تحقيقها. إن مفهوم الاحتواء العائلي من أكثر المفاهيم التي حدثت به هزة قوية، ولكني أزعم أن قوة الارتباط كان من أكثر العوامل إيجاباً، رغم ما يعتري حالة الاقتراب الزائدة عن الحد من توتر، وربما اكتشاف حقائق لم تكن تعلمها عن شركائك في محيطك العائلي، ولكن حالة الاقتراب فرضت تعاملاً موضوعياً بعيداً عن المجاملات، أو حالة التجمل المفتعل، بل فرضت تعاملاً واقعياً على كل التصرفات والنمط الحياتي، هذا الواقع أكسبنا سعادة التواصل، سعادة النقاش، سعادة الجدل، سعادة الصلح بعد الخصام. إن الفيروس الذي غير الحياة في العالم كله، وسيفرض واقعاً جديداً اقتصادياً وتعليماً، كما فرضها اجتماعياً، فقد أصبح حقيقة تقتحم حياتنا لا شك في ذلك، وعلينا أن نفرض واقعنا نحن عليه، أن نعيش الحياة التي نريدها، دون أن يُفرض علينا نمط بعينه، فنحن أقوى وأقدر، وما دمنا قادرين على الحلم والتفكير والاندهاش، فتلك مفاتيح السعادة.