نيويورك - واس أكدت المملكة العربية السعودية دعمها للجهود الأممية الرامية لإيجاد حل سياسي للنزاع في ليبيا يركز على أمن وسلامة الأراضي الليبية ووضع حد للتدخلات الخارجية في شؤون ليبيا، وعن ترحيبها بالمبادرة المصرية التي سعت إلى تحقيق حل سياسي ووقف لإطلاق النار وحقن الدماء، داعيةً جميع الأطراف الليبية إلى التعاون لإيجاد حل مقبول وتسوية سياسية تعيد الأمن والاستقرار إلى ليبيا. جاء ذلك في كلمة المملكة العربية السعودية التي سلمها القائم بالأعمال بالإنابة لوفد المملكة الدائم لدى الأممالمتحدة في نيويورك الدكتور خالد بن محمد منزلاوي لمجلس الأمن الدولي خلال جلسته المنعقدة افتراضياً، أمس، تحت بند «الحالة في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية». وأوضح الدكتور منزلاوي في كلمته أن المملكة تشارك المجتمع الدولي ومجلس الأمن الموقف إزاء أهمية قضايا الشرق الأوسط، وتدرك خطورة الوضع في المنطقة والحاجة إلى اتخاذ تدابير فعالة وحاسمة، حيث إن تفاقم الأزمات القائمة وانبثاق أخرى جديدة يخلق توترات تؤثر على الأمن والسلم، ما يستدعي تحرك المجتمع الدولي لتهدئة هذه التوترات وضمان صون الأمن والاستقرار والتوصل إلى حلول سياسية سريعة للأزمات التي طال أمدها في المنطقة ومعالجة أسبابها. ولفت النظر إلى ما تتبناه المملكة في سياستها الخارجية من مبادئ لحل النزاعات وفي مقدمتها الاتجاه الدائم نحو الحلول السلمية لحل هذه النزاعات ومنع تفاقمها واعتماد جهود الوساطة التي تشاركها سمو الهدف وسلامة المقصد، مشيراً إلى تأييد المملكة الدور المهم الذي تقوم به الأممالمتحدة في تعزيز جهود الوساطة والدبلوماسية الوقائية لحل نزاعات المنطقة بالطرق السلمية. وقال: يحمل مجلس الأمن مسؤولية تاريخية وقانونية تجاه إعمال قراراته ذات الصلة بتسوية الصراع العربي - الإسرائيلي وجوهرها إقامة الدولة الفلسطينية من خلال الالتزام بتنفيذ القانون الدولي وميثاق الأممالمتحدة وقرارات الشرعية الدولية، حاثاً المجتمع الدولي على الوقوف بحزم تجاه سياسات سلطات الاحتلال الإسرائيلي الاستفزازية في الأراضي الفلسطينية المحتلة وعدم احترامها قرارات مجلس الأمن. وشدد على أن المملكة العربية السعودية تؤكد أن أي حل للنزاع ينبغي أن يكون على أساس حل الدولتين ووفقاً للمرجعيات الدولية، ومبادرة السلام العربية لعام 2002م، التي تضمن قيام الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967م وعاصمتها القدس الشريف، وعودة اللاجئين، وإنهاء احتلالها جميع الأراضي العربية بما فيها الجولان العربي السوري والأراضي اللبنانية. وأضاف: تقدر المملكة للمجلس إدانته الهجمات الإرهابية الغاشمة التي قامت بها الميليشيات الحوثية الانقلابية مؤخراً على المدنيين والمواقع المدنية بالمملكة وتستنكر استمرارها في تهديد حياة المدنيين، كما ترحب المملكة بعقد مجلس الأمن جلسة خاصة لمناقشة أزمة ناقلة النفط (صافر). ودعا القائم بالأعمال بالإنابة لوفد المملكة الدائم لدى الأممالمتحدة، مجلس الأمن الدولي إلى مراقبة وصول خبراء الأممالمتحدة إلى الناقلة وإيجاد حل دائم لهذه الأزمة التي استغلتها الميليشيات الحوثية في سبيل تحقيق أهداف سياسية غير مكترثين بالكوارث البيئية والإنسانية التي ستلقي بظلالها على جنوبالبحر الأحمر والمملكة واليمن في حال عدم إيجاد حل دائم لها. وأفاد أن المملكة تدعم جهود الأممالمتحدة للوصول إلى حل سياسي للأزمة اليمنية وفقاً للمرجعيات الثلاث وهي المبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وخاصة القرار رقم 2216. وأعرب عن إيمان المملكة العربية السعودية بأن تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة يتطلب ردع إيران عن سياساتها التوسعية والتخريبية التي تنتهك وتتحدى المواثيق والمعاهدات الدولية وقرارات مجلس الأمن. وأردف الدكتور منزلاوي يقول: فالأدلة والأمثلة العديدة على هذه السياسات لا يمكن حصرها في هذه الكلمة ابتداءً بسورية والعراق ولبنان وصولاً إلى اليمن، حيث كان آخر هذه الأدلة ما ورد في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة التاسع بشأن تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2231 الذي لا يترك مجالاً للشك أمام المجتمع الدولي حول نوايا إيران العدائية في المنطقة، مؤكداً ضرورة اتخاذ مجلس الأمن والمجتمع الدولي الإجراءات اللازمة لإيقاف جرائم النظام الإيراني وعدائيته التي باتت حقيقة مثبته بالقرائن والأدلة. من جهة اخرى حمّل المراقب الدولي السابق في بعثة الأممالمتحدة للسلام في النزاع الإرتيري-الإثيوبي، الضابط المتقاعد من الجيش الجزائري، أحمد كروش، مسؤولية أي تدخل عسكري في ليبيا إلى تركيا، التي رفضت الانصياع إلى قرارات الشرعية الدولية، ومخرجات مؤتمر برلين. ويرى كروش أن كل دول جوار ليبيا كانت منزعجة من التدخل التركي، وترفض بشكل مطلق تواجده في ليبيا، سواء قوات بحرية أو جوية أو برية، والمدعومة ب 16 ألف مرتزق تم استقدامهم من سورية. وأضاف، «هذا يمنح الشرعية للتدخل العسكري، للأطراف الأخرى التي تدعم الجيش الوطني الليبي وبرلمان طبرق، وخاصة جمهورية مصر العربية، نظرًا لتهديد أمنها القومي مباشرة وخاصة أن النظام التركي لا يخفي عداءه للنظام المصري». وحذر من التدخل العسكري بجميع أشكاله، لأنه يعقد الحل السلمي، وينبئ بحرب دولية إقليمية، على أرض ليبيا، وستكون تداعياتها وخيمة جداً على الشعب الليبي، ودول الجوار. وقال: «الجزائر تعمل تحت الشرعية الدولية، ووفق مخرجات مؤتمر برلين، وترفض كل التدخلات العسكرية التي تعقد الأزمة في ليبيا وتطيل عمر الصراع». ويشرح الموقف الجزائري في ليبيا، وإصرارها على أن يكون الحل ليبيا، بالقول: «يجب قراءة موقف الصراع على الشرعية في ليبيا بمجمله وليس مجزأً، فالجزائر عبّرت في كل مناسبة على لسان الرئيس عبدالمجيد تبون ووزير الخارجية، صبري بوقادوم بأنها تقف على نفس المسافة من كل الأطراف، وترفض أي تواجد أجنبي على أرض ليبيا وتزويد الأطراف المتنازعة بالسلاح أو بالمرتزقة، وأن الحل يجب أن يكون سياسياً عن طريق ندوة حوار بين جميع الأطراف الليبية دون استثناء سواء الطرفين المتنازعين على الشرعية (حكومة الوفاق من جهة والبرلمان الليبي وقيادة الجيش الوطني الليبي من جهة أخرى) وكذلك إشراك كل مكونات المجتمع الليبي من أعيان ورؤساء قبائل وممثلي المجتمع المدني، وهذه المقاربة هي نفسها تقريباً ممثلة في مخرجات مؤتمر برلين». ويرى كروش، أن هذه المقاربة تم الاتفاق عليها في مؤتمر برلين. وشدد الخبير الأمني، على أن مقوله إن اتفاق حكومة فايز السراج مع تركيا وتدخلها في ليبيا شرعي، منافٍ للشرعية الدولية. وفي جميع المؤتمرات التي عقدت كان الطرفان سواء البرلمان وقيادة الجيش وحكومة السراج يجتمعان بنفس المساواة وعلى طاولة وحدة سواء في باريس أو ايطاليا، وإن غابا في مؤتمر برلين، فإن مخرجاته سوت كذلك بين الطرفين، فلجان التفاوض كانت بالتساوي (العسكري 5 ، 5، السياسي 13 ، 13 و14 للأعيان والمجتمع المدني). وحذر كروش من تطور الصراع في ليبيا الشبيه بالصراع الموجود في سورية لأن الأطراف الدولية المتدخلة في سورية هي نفسها التي تتدخل في ليبيا بشكل يهدّد بصوملة ليبيا، وهذا يعقّد الحل السلمي في ليبيا ويطيل الأزمة إلى عقود.