يقال إن العاصفة إذا كانت بعيدة تبدو هادئة ومدهشة حتى إذا بلغت أشدها واقتربت ظهرت شراستها وأبدت وجهها القبيح. وقد ترى العاصفة وهي تمرك ولا ترى آثارها حتى تنتهي فتبدأ في تفقد ما حولك فتحصي آثار الدمار. ولا شك أن جائحة كورونا عصفت بالعالم كما لم تعصف بها جائحة من قبل. ونحن في وسط الجائحة نسير حثيثاً لنكمل السنة قبل أن نخرج من هذه الأزمة، فهل ندرك آثار الجائحة اليوم حقاً؟ من أهم ما يبشر بانحسار الجائحة التقدم الذي نشهده في الاختبارات السريرية لصناعة لقاح فيروس الكورونا الذي من المتوقع أن ينتج قبل نهاية السنة. فقد نشرت شركة موديرنا تقريراً لنتائج الاختبارات السريرية للمرحلة الأولى الثلاثاء الماضي الذي أفاد سلامة اللقاح حيث جرب على 45 متطوعاً بعد تلقي جرعتين على فترات متفرقة. كما أفاد التقرير أن المتطوعين استجابوا للقاح بعد تلقيهم الجرعة الثانية، وحققوا مناعة مماثلة أو أعلى مقارنة مع المتعافين من الإصابة بالفايروس. كما أشارت النتائج إلى الفرق بين الاستجابة للقاح بعد الجرعة الثانية مقارنة بالجرعة الأولى، إلا أن نتائج المتابعة التي ما زالت مستمرة، تشير إلى أن مناعة المتطوعين انخفضت قليلاً في غضون أسبوعين – مقارنة بين القياس في اليوم الخامس والأربعين والقياس الذي يليه في اليوم السابع والخمسين. وكما يوضح التقرير، فإن اللقاح الذي ستقدمه (موديرنا) سيكون غالباً على جرعتين. فهل سيطور اللقاح ليكون جرعة واحدة تفادياً للصعوبات اللوجستية المتوقعة للجرعتين؟ بالعودة إلى ردود أفعال المختصين عن النتائج التي أعلنتها الشركة في تقريرها، فإن أقل ما يقال عنها إنها فاترة. فإن هبوط المناعة الطفيف الذي ظهر على المتطوعين قد يعني – إذا استمر – أن اللقاح بحاجة إلى مزيد من العمل حتى يكون جاهزاً للإنتاج بنهاية السنة. وإذا قوبلت هذه النتائج بالبيانات الصحفية الصادرة مؤخراً، سنجد تفاؤلاً بظهور نتائج إيجابية في وقت يعده المختصون قياسياً. فقد نشرت شركة فايزر منذ أسبوعين تقريرها عن النتائج الأولية للتجارب السريرية التي تقارب نتائج (موديرنا). وقد صرح رئيس شركة فايزر الدوائية بعد ذلك أن من المتوقع أن تظهر نتائج اللقاح الكاملة في سبتمبر وأن الموافقة النهائية على إنتاج اللقاح قد تصدر في أكتوبر. فهل لتصريح (فايزر) ما يبرره، أم أنه تفاؤل ليس في محله؟ لا شك إن ظروف الجائحة تضغط على الجميع بإظهار مؤشرات مبكرة تبشر بالخروج من هذه الأزمة، خصوصاً مع تصاعد المخاوف باحتمال صعود موجة ثانية. مع أن احتمال الفشل وارد في إنتاج لقاح مناسب في الوقت المطلوب، فإن الشركات استجابت لهذه المخاوف بالمبادرة بنشر معلومات وافية عن اختباراتها السريرية. وبالرغم من التحديات المتوقعة، إلا أن عدد اللقاحات المقدمة كبير، ونجاح لقاح أو اثنين منها على أقل تقدير قد يكون كافياً.