فهم المخاطر الصحية كخطوة أساسية للوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية، حيث تُظهر المُعطيات أن أي تدابير وقائية مُقترحة لإدارة مثل هذه الأمراض ترتبط بشكلٍ مباشر مع عوامل الخطر لدى المريض أو المريضة. ويجب اتخاذ القرار المتعلق بالتدخل الطبي بالاستناد إلى الاحتياجات الخاصة بالمريض مع مراعاة حالته الصحية الحالية، والمنافع والمخاطر والتكاليف العلاجية المحتملة. ويشتمل تقييم مستوى المنافع والمخاطر لدى الشخص على مراعاة عدة عوامل رئيسة؛ إذ تُشير الدراسات إلى أن سُبل الوقاية الأولية من أمراض القلب والأوعية الدموية أصبحت اليوم تبتعد عن إدارة عوامل الخطر المعزولة، مثل ارتفاع ضغط الدم وعسر شحميات الدم، لتميل نحو تقييم وإدارة المخاطر المُطلقة لأمراض القلب والأوعية الدموية. ويتم حساب هذا الخطر على أنه احتمال حدوث نوبة قلبية أو ذبحة صدرية في غضون السنوات القليلة القادمة. يعد فهم المخاطر وإدارتها مبكرًا أمرًا بالغ الأهمية نظرًا لانتشار الأمراض القلبية الوعائية التي من المتوقع أن ترتفع إلى 479،500 حالة بحلول عام 2035. واستناداً إلى تحليلات المخاطر، يُنصح المرضى بتبني جملةٍ من التغييرات في أنماط الحياة العلاجية، بالإضافة إلى استخدام العلاجات الدوائية في مرحلة الوقاية الأولية وتمتد هذه التغييرات في نمط الحياة العلاجي لتشمل تجنب أو الإقلاع عن التدخين، وفقدان الوزن الزائد، وتعزيز اللياقة والأنشطة البدنية اليومية، فضلاً عن تناول العقاقير المخفضة للكوليسترول لتعديل وضبط نسبة الدهون، والاعتماد على علاجات متنوعة قد يُنصح بها للتحكم في مستوى ضغط الدم. كما أظهرت الإحصائيات أن نحو 90 % من المرضى الذين شُخّصت إصابتهم في منطقة الشرق الأوسط بمرض الشريان التاجي قد ظهر لديهم عامل خطر واحد على الأقل، مثل ارتفاع ضغط الدم والإصابة بداء السكري والتأثيرات الضارة للتدخين، بالإضافة إلى التعايش مع عاملي خطر أو أكثر. وتؤثر عوامل الخطر المرتبطة بأمراض القلب والأوعية بشكلٍ سلبي على عملية تشخيص الحالة الصحية للمريض، نتيجة تزايد خطر انسداد الشرايين، وكذلك زيادة شدة وتنوع وتكاليف الرعاية الطبية على المدى الطويل. وعندما يتعلق الأمر بأحد عوامل الخطر، قد يكون بعض المرضى أكثر استعداداً لمواجهة مثل هذه الحالات مقارنة مع غيرهم. إذ أن المصابين بأمراض القلب والأوعية الدموية المزمنة والمتأثرين بعوامل خطر متنوعة، مثل العمر والتدخين وارتفاع ضغط الدم والسكري، هم أكثر عرضة لمواجهة الحالات المتكررة لأمراض القلب والأوعية الدموية وخطر الوفاة. وعادة ما توصي الفرق الطبية المشرفة على هؤلاء المرضى باستخدام علاجات من شأنها تخفيض القيم الخاصة بضغط الدم والكوليسترول، وتبني إجراءات متابعة وعناية أكثر شدة، فضلاً عن الاعتماد على علاجات عالية التكلفة أو علاجات ذات مخاطر عالية من حيث المضاعفات اللاحقة. وتوصف أحياناً مضادات لتكدّس الصفيحات في مرحلة الوقاية الأولية، استناداً إلى الاستشارية السريرية الفردية حصراً، وحينما تكون منافع النتيجة النهائية أعظم من المخاطر. ولكن عندما تتساوى المنافع مع المخاطر، تُقدم حينها الخيارات العلاجية استناداً إلى تفضيلات المريض. وقد يتغيّر مستوى الخطر مع مرور الوقت في ضوء أنماط الحياة المُتبعة وتزايد عمر المريض، لكن تبنّي نهج شامل لتقييم المخاطر مدعوم بالتنبؤات يضمن للمرضى اتخاذ قرارات أكثر حكمة حول حالتهم الصحية. وباستطاعة الأطباء دعم المرضى عبر حساب تقديرات المخاطر الفردية لمدة عشر سنوات فيما يخص الأعراض المتكررة لأمراض القلب والأوعية الدموية. وقد يسهم ذلك في منح المريض مزيداً من التحليلات المعمّقة حول التشخيص الشخصي لحالتهم الصحية والعلاج المناسب، ما يحفزهم بشكل أكبر ويؤثر بشكل إيجابي على تقيّدهم بالتدخلات الوقائية. أمّا بالنسبة للمرضى المُعرّضين لمخاطر مرتفعة، فيجب التنسيق بين مختلف الاستراتيجيات الوقائية والعلاجية، وتفعيل المساهمة الفعالة للمجتمع إلى جانب المرضى ومتخصصي الرعاية الصحية وصنّاع السياسات الصحية. وقد يسهم الاستخدام واسع النطاق لنماذج التنبؤ بالمخاطر، التي حددها منظمة الصحة العالمية، في تعزيز دقة وإمكانية تطبيق واستدامة جهود الحد من أعباء الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية حول العالم. واستناداً إلى ما سبق، فإن إجراءات الوقاية المُبكرة والتواصل الجيد مع المريض تلعب دوراً أساسياً في الحد من عوامل الخطر، خاصة عندما يتعامل الأطباء بصورة متزايدة مع شخصٍ يواجه العديد من عوامل الخطر المرتفعة بوتيرة معتدلة، ومعرّض للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية مقارنة مع شخصٍ آخر يواجه عامل خطر واحد مُرتفع وفي هذا الإطار، يتوجب على الأطباء تطبيق مبادئ التعريف الفعال بالمخاطر، لمُساعدة المرضى على اكتساب فهمٍ أعمق بالمخاطر المحيطة بحالتهم الصحية واستخدام تلك المعلومات كعامل تحفيزي.