الطلب على الطاقة الكهربائية لدينا يزداد بشكل متسارع سنة بعد أخرى ويعزى ذلك التنامي المطَّرد إلى ظهور أحمال جديدة ومشتركين جدد في كافة القطاعات الاستهلاكية (السكني والتجاري والصناعي والحكومي وكافة المرافق العامة الأخرى)، كما أن الاستهلاك يتعاظم وبشكل خاص في فصل الصيف بسبب الطقس الحار في شتى مناطق المملكة بوجه عام مما يجعل ذلك الاستهلاك يصل أحياناً إلى نسب غير مسبوقة وغير متوقعة بسبب تشغيل المكيفات والتي تعتبر المستهلك الأعظم لتلك الطاقة لقدراتها الكبيرة وتشغيلها المستمر. ومن المعروف أن استهلاك المكيف يستحوذ على ما نسبته 65 % من مجمل الطاقة المستهلكة تليه الإنارة بحوالي 20 % ثم يتبع ذلك بقية الأجهزة والمعدات الكهربائية الأخرى (الغسالات، الثلاجات، السخانات، الأفران، الغلايات، المراوح، إلخ). وإذا كان الاستهلاك يتعاظم خلال فترة الصيف تبعًا لزيادة الطلب على استهلاك الكهرباء لأغراض التكييف والإنارة وكافة الاستهلاكات الأخرى فمعنى ذلك أن ثمة انقطاعات كهربائية محتملة قد تحدث نتيجة لهذه الزيادة المفرطة في الاستهلاك والهدر الذي قد يصاحب ذلك أحيانا نتيجة لتشغيل المكيفات لفترات أطول خلال هذا الفصل وأجوائه اللاهبة المصاحبة له، ولعل أبلغ ما تخشاه شركات الكهرباء بل وتجاهد أن تتجنبه وتتلافاه هو حدوث انقطاعات في الخدمة الكهربائية لمشتركيها لما ينجم عنه من معاناة وتكاليف تتراوح بين المشاعر النفسية الحادة المتمثلة في الحرج والضيق وعدم الراحة بالنسبة للمستهلك السكني إلى الخسائر المادية الجسيمة التي يمنى بها المستهلك التجاري والمستهلك الصناعي نتيجة لتعطل المعدات وتوقف العمل وتلف الإنتاج عند انقطاع الخدمة الكهربائية وحرمانهم منها. ناهيك عن أن انقطاعات الكهرباء تؤثر في أماكن وقطاعات مهمة وحساسة كالمطارات والمستشفيات وبنوك الدم ومستودعات العقاقير والأدوية ومراكز الاتصالات الأمنية والحاسب الآلي ومحطات ضخ مياه الشرب والصرف الصحي ومخازن الأغذية المبردة والمثلجة وغيرها من المباني والمنشآت المهمة المماثلة. لذا فإن ثمة عوامل قد تحول دون حدوث تلك الانقطاعات وتلافي تبعاتها وآثارها ومنها أن علينا كمشتركين أن نستهلك هذه الطاقة الحيوية والثمينة بمنتهى التعقل والحرص والمبالاة وألاَّ نسرف في استخدامها، كذلك على شركة الكهرباء أن تقوم من جانبها بتقدير الأحمال الكهربائية لفصول الصيف للسنوات المقبلة تحسباً لزيادة الأحمال وما يتبعها من زيادة في الاستهلاك نتيجة للنمو السكاني والتوسع العمراني وتطور أنماط الاستهلاك نحو الاعتماد على الطاقة الكهربائية. وأخيرًا‘ علينا أن ندرك بأن الكهرباء نعمة من النعم الكثيرة التي أفاء الله بها علينا وأن حياتنا دونها أضحت أمرًا لا يمكن تحمله أو حتى مجرد تصوره، كما أن علينا أيضاً أن نعي بأنها تُنتج بتكاليف باهظة وتصل إلينا كمستهلكين ومستفيدين سهلة وميسرة، إذن، علينا أن لا نلوم الشركة حين حدوث الانقطاعات بل نتعاون معها ونساعدها في تقديم خدماتها بشكل أفضل وعلى نحو مرض وميسر وخالٍ من الانقطاعات وحرمان المشترك من الخدمة الكهربائية وذلك بأن نراعي مستويات استهلاكنا لهذه الطاقة الحيوية وأن لا نسرف في استخدامها ونبذر في استهلاكها طاعة وامتثالاً لأمر ربنا تبارك وتعالى في كتابه الكريم: «وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ» الأعراف:31، وقوله عز من قائل: «إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا» الإسراء: 27.