يتغير الشعور الداخلي للنفس، ويتقلب تبعاً لذلك المزاج، وذلك حسب المواقف والأحداث والأوضاع التي تمر بالإنسان أثناء تفاعله مع الحياة وجوانبها المختلفة. وبناءً على الفرضيات والاعتقادات التي تؤمن بها نفسه، وما مر عليه من تجارب وأحداث، وبناءً على ما تشربته تلك النفس من تربية وتطبيع منذ طفولتها. فعندما يكون الإنسان في وضعه الطبيعي أي (مستقر نفسياً)، قد تتغير لديه الحالة المزاجية، إما إلى فرح وسعادة، أو إلى حزن وتعاسة، تبعاً لموقف أو حدث أو تفكير أو سلوك، أو خبر إجابي جالب للسعادة أم سلبي زاخر بالتعاسة. وذلك أمر طبيعي لفطرة النفس البشرية، طالما أن تقلب المزاج في حدود المعدل الطبيعي المتعارف عليه. ولكن قد نجد البعض يحمل في نفسه الشعور السلبي الدائم: كمن يحلل تصرفات الآخرين بأنها تحمل العداء ضده، أو يشعر بالمظلومية أو أنه مستهدف بمؤامرة الغير، أو يشعر بأن الناس يكنون له الكراهية أو أنهم يتكبرون عليه، ما يجعله يستشعر الغبن والانتقاص، ومن ثم القيام بتصرف خارج عن المألوف، كنتيجة لذلك التفكير والشعور الضار. ولا شك أن الأمر المبالغ فيه قد يكون حالة غير طبيعية، تستدعي مراجعة الطبيب؛ حيث قد يكون الأمر خارجاً عن إرادة الإنسان لأسباب عدة، منها على سبيل المثال الفشل في تكوين العلاقات الاجتماعية السليمة، أو التجارب الحياتية الفاشلة أو قد تنتج عن سلبية البيئة التي عاش فيها ذلك الشخص، ما أدى إلى أحد أو بعض الاعتلالات النفسية، (كاضطرابات المزاج). ونظراً لأهمية الموضوع وللتخلص من تلك الأوهام والمعوقات وللتمتع بشعور إيجابي وبنفسيات سليمة وشخصيات متزنة ناجحة في تعاملاتها وتفكيرها، فإنه يجب علينا أن نراقب تفكيرنا ونحلله، ثم نتخلص من كل فكرة سلبية قد تؤدي إلى شعور سلبي. وأن نحسن الظن بالله ثم بعباده، وأن لا نجنح إلى شعور الغيرة والحسد أو الحقد، وأن نُنزل الناس منازلهم، أو على الأقل نحترم إنسانيتهم، حتى نحافظ على التوازن الصحي لأنفسنا. كما يلزمنا أن نعطي كل ذي حق حقه، وأن لا نجحف في حقوق أنفسنا، وأن نحسن تعاملنا مع الآخرين، ونتواضع، وأن نتعلم العلوم الإنسانية ونسبر أعماق الثقافة، ونتدرب على مهارات التفكير التحليلي، كما يجب علينا تعميق الفهم، وتقدير الثقافات الأخرى، ووجهات نظر الآخرين. ومن المستحسن أن نكثر من القراءات المختلفة، كالقراءة السريعة (المسحية) والقراءة التحليلية وقراءة التسلية وغيرها مما يعود بالنفع وتحسين الحالة المزاجية، وما يضفي على النفس نور العلم واستقرار المشاعر.