يعد كارلوس زافون من أشهر كُتّاب الرواية في إسبانيا، ولعل أهم أعماله التي آلت به إلى الشهرة بشكل حقيقي مجموعة «مقبرة الكتب المنسية»، التي بدأها عام 2001م من خلال روايته «ظل الريح»، فقد حققت مبيعات عالية، وبيعت منها ملايين النسخ، وترجمت إلى عدة لغات. يبدأ الكاتب في رواية ظل الريح بالحديث عن مكانٍ سري يجب ألا يُخبر به أحداً، «هذا المكان سرٌ يادانيال، إنه معبدٌ، حرمٌ خفي»، يطلق عليه اسم (مقبرة الكتب المنسية)، وهو بذلك يشير إلى أن هذا المكان مهجور، لا يسمع فيه صوت ولا يُرى فيه أحد، مقبرة منسية، لكنها مقبرة للكتب وليست للبشر، حيث يدفن فيها الكتب التي لاتُقرأ، وأثناء تجول دانيال يجد كتابًا يشده بعنوان ظل الريح، يرى فيه بأنه صاحبه الجديد «في تلك اللحظة كنت على يقين بأنني وجدت الكتاب الذي سأتبناه، أو بالأحرى الكتاب الذي سيتبناني». من هنا تبدأ أحداث الرواية التي تتداخل وتتقاطع فيما بينها، عندما يقرر دانيال دخول عوالم الكتب، والبحث عن بقية مؤلفات خوليان، فتظهر شخصيات جديدة، وأحداث مشوقة، لتوّلد نصاً غاية في البهاء والجاذبية، وقصةً رائعة تشد القارئ من أولها حتى آخرها. يستعين دانيال بصاحب مكتبة في برشلونه، للبحث عن بقية المؤلفات، فيخبره بأن هذه الرواية التي بين يديه غامضة، وربما هي النسخة الأخيرة التي بقيت على قيد الحياة، حيث إن بقية مؤلفات خوليان قد تعرضت للحرق، ولعل السر وراء اهتمام دانيال بأعمال خوليان هو تقاطع الماضي بالحاضر؛ ماضي خوليان وحاضر دانيال، حيث يترابط الماضي بما فيه مع الحاضر، على الرغم من التفاوت الزمني الكبير بينهما. يجتهد دانيال وأصدقاؤه لمعرفة السبب الكامن وراء سعي لايين كوبرت لحرق أعمال خوليان، وبعد أن يقترب من الحقيقة، تعود الأحداث للتداخل بشكل ملفت، وتأخذ الحقيقة منحى مختلف بعدما تظهر ابنة صاحب مقبرة الكتب المنسية، لكن تظهر الحقيقة في نهاية الرواية ويختفي لايين كوبرت. بين كل تلك الأحداث لا يختفي أسلوب كارلوس ولايتغير، يبدأ وينتهي بنفس المتعة والإثارة، لا تشعرك الرواية الطويلة في صفحاتها بأي ملل أو فتور في القراءة، تشعر بأن الشخصيات صور حية تسير أمامك، وليست مجرد حبر على ورقة، رواية ممتعة بكل مافيها، لاعجب في أنها لاقت نجاحًا باهرًا. ظل الريح