من المؤكد أنه بعد عودة الموظفين إلى أعمالهم سيكون ذلك مصحوباً بالخوف والقلق، ما سيعرض الكثير إلى ضغوط نفسية، وعلى الرغم من عودة الحياة إلى طبيعتها إلاّ أنها ستكون مقيدة بتدابير فعالة لكبح الفيروس، لكن تحذيرات وتوجيهات وزارة الداخلية وتعليمات وزارة الصحة ستعزز تلك التدابير وتقلص فرص انتشار المرض -بإذن الله-. ومن المؤكد أن انتهاء منع التجول لا يعني أن انتهاء فيروس كورونا، لذا فالواجب أخذ تحذيرات وزارة الصحة بالاعتبار وعدم التراخي في تطبيق شروط السلامة والتي من أهمها التباعد الاجتماعي ولبس الكمامة ومنع التجمعات التي تزيد على 50 شخصاً والتقيد بالتعليمات الصحية. ومن الطبيعي هذه الأيام وبعد عودة الحياة إلى طبيعتها قد يزداد الضغط النفسي خاصةً من الأشخاص المشخصين باضطرابات نفسية، كاضطرابات القلق، وقد تزداد أعراضها نتيجة خوفهم من الإصابة بمرض كوفيد-19، وهنا يجب الابتعاد عن إثارة الرعب والفزع في نفوس الناس بل يجب أن يتم ذلك بأسلوب تحذيري علمي دون الإثارة والتهويل والتخويف، مع بث روح الثقة والطمأنينة والأمل في النفوس، وإنه بالتزامنا بالتعليمات والتعاون بتطبيقها سيمكن من القضاء على هذا المرض -بإذن الله-. حملات توعوية ومع الظروف الحالية التي نعيشها في ظل أزمة فيروس كورونا وفترات الحجر المنزلي، وما تتناقله وسائل الإعلام المختلفة من حصد لأرواح الآلاف وربما الملايين من البشر في كل أرجاء العالمية بالرغم من التدابير لمنع انتشاره، وتعطيل أغلب مناحي الحياة بسبب انتشاره، فقد أدى ذلك لاضطرابات نفسية لدى الكثيرين بسبب ازدياد حالات الخوف من العدوى والقلق والترقب الدائم للأحداث، وكذلك زادت حالات الاكتئاب النفسي لدى من قد يصاب أحد أقربائهم من انتقال العدوى إليهم، وهذا قد يتسبب في عزلتهم تماماً ودخولهم في اضطرابات نفسية مستديمة، نتيجة ازدياد التوتر والفزع جراء الأحداث العالمية حول هذا المرض، ما يستوجب تبديد ذلك التوتر والقلق، بتعاون الجهات ذات العلاقة بحملات توعوية وإرشادية مستمرة. وبهذا الجانب نفذ المركز الوطني لتعزيز الصحة النفسية عدة حملات توعوية لتعزيز الوعي النفسي، بالإضافة إلى تقديم أكثر من 31900 استشارة نفسية هاتفية حيال جائحة فيروس كورونا الجديد والاضطرابات النفسية المصاحبة له، وذلك بداية من شهر فبراير 2020م وحتى شهر مايو الماضي. وعزز حملاته التوعوية بإطلاق منصّات الدعم النفسي والتي تقدم خدمات الاستشارات النفسية المجانية لأفراد المجتمع عامة وللفئات الأكثر عرضة للاضطرابات النفسية؛ حيث تقدم خدماتها عن بعد من خلال مختصين في الجانب النفسي والاجتماعي لتخفيف الضرر النفسي الناتج عن جائحة فيروس. إرشادات وتدابير وقام جونز هوبكنز في أرامكو باستعراض الإجراءات الإرشادات والتدابير التي يجب أن تتخذ وتخفف من عوامل الصحة النفسية المرتبطة بتأثيرات فيروس كورونا على مستوى المجتمع والفرد، وتعدّ هذه الإرشادات موجهة بالدرجة الأولى للأشخاص الذين شُخصت إصابتهم بمرض كوفيد-19 والمُلزمين بالعزل أو الحجر الصحي، أو الأشخاص ممن تم تشخيص أحد المقرّبين لهم بالفيروس ويخضع للعزل أو الحجر الصحي، كما تساعد هذه الإرشادات الأشخاص الذين يشعرون بالقلق حيال الإصابة بالعدوى أو بالاكتئاب الناتج عن ذلك، حيث يمكن للقلق المرتبط بالمرض والعوامل المتعلقة به في بعض الأحيان أن تكون أسوأ من وبائية المرض نفسه، حيث إن القلق والاكتئاب يشعر بالتوتر حيال الأمور التي تحدث حولنا أو توشك على الحدوث، ويترافق تفشي فيروس كورونا المستجد بحالة عامة من عدم اليقين، ومن الطبيعي أن يُصاب الناس بالقلق من إمكانية تشخيص إصابتهم بالفيروس، إلى جانب القلق من إصابة أحد الأشخاص المقربين بالعدوى، والقلق من تعرض النفس أو المقربين للعزلة الاجتماعية أو الحجر الصحي. أنشطة بديلة واستعرض نصائح أوليّة حول كيفية التعامل مع العزلة والوحدة، وأن إدراك الشعور بالوحدة يُعتبر تمييز مشاعر الوحدة الخطوة الأولى للتعامل مع هذه المشاعر، إلى جانب تذكير أنفسنا بالأشخاص الذين يمكننا التواصل معهم، مؤكداً أهمية الأنشطة البديلة التي يجب التركيز عليها وهي الأنشطة التي يمكن قيام بها بمفرده، مثل كتابة المذكّرات اليومية أو قراءة كتاب أو مشاهدة التلفاز أو القيام ببعض التّمارين البدنية والعقلية، إضافة إلى التحلّي بالأمل وزرع جذوره في أنفسنا من خلال قراءة القصص المُلهمة وتجارب الآخرين في التغلّب على الصّعاب، والمساعدة الإضافيّة ومحاولة الاستعانة بعوامل إضافيّة للمساعدة في التغلب على مشاعر الوحدة، مثل التحدّث إلى صديق مقرّب أو أحد أفراد الأسرة الموثوق بهم أو طبيب الرّعاية الأوليّة أو الاختصّاصي الاجتماعي أو عبر خطوط المساعدة المحليّة إذا كانت متوفّرة. تفاعل اجتماعي وما أشد حاجة المجتمع في هذه الظروف إلى تعزيز الصحة النفسية والتأقلم مع حالة عدم اليقين وأعراض القلق والاكتئاب المرتبطة بفيروس كورونا المستجد، خاصةً وأن الكثيرين يودون عودة التواصل الاجتماعي فيما بينهم وأحبابهم، ولكن يبقى الخوف من عدم اتخاذ الاحترازات الوقائية ما عرضهم للقلق والاكتئاب، من هذا المنطلق فالجميع بحاجة إلى نصائح وإرشادات حول كيفية التعامل مع حالة عدم اليقين والقلق والاكتئاب التي قد تنشأ بسبب فترة الحظر الطويلة والتي سببت التأقلم مع العزلة والوحدة، فهنا لابد من تخفيف ما يشعر به البعض من الحاجة إلى مواصلة أعمالهم والتفاعل الاجتماعي والتواصل مع الآخرين في شتى مناحي الحياة بحذر، حيث إنه في حال لم يُلبِّ الجميع الاحترازات المصحوبة بالحذر، فسيولّد أيضا لدى الجميع شعور بالعزلة والوحدة، ويمكن للوحدة والعزلة الاجتماعيّة أن تؤدّيا لظهور أعراض القلق والاكتئاب على البعض. احذروا المتاجرين ورأى د. سعيد عبدالوهاب عسيري - استشاري الطب النفسي واضطرابات المزاج المشرف على البورد السعودي للطب النفسي - أنه لا بد أن نعذر من يعانون من الاكتئاب أو اضطراب المزاج، فعندما نجد منهم قلة الاهتمام أو التواصل وحب العزلة من المجتمع المحيط أو من الأصحاب وأفراد الأسرة فإن كل هذا يعد من الأعراض المصاحبة للمرض وليست متعمدة أو مقصودة، وفي حال تحسن المرض سيعودون - بإذن الله - أفضل مما كانوا. وذكر د. محمد القحطاني أن الطب النفسي للأسف هو أكثر شيء يفتي فيه القاصي والداني، لذلك يجب ألاّ نسمع إلاّ لمختص في الطب النفسي فقط، محذراً من المتاجرة بالطب النفسي، مؤكداً على أن بعض الأطباء والاختصاصيين النفسيين يقدمون استشارات وجلسات علاجية هاتفية بمقابل مالي يتم تحويله قبل الاتصال، وهذا الشيء متاجرة بالطب وغير لائق بالمهنة وليس في صالح المريض أبداً. د. محمد القحطاني