تبدأ دول العالم بالتفكير في كيفية مزاولة "الأعمال" في مرحلة ما بعد كورونا، ورغم اختلاف الصناعات والشركات فيما بينها، ثمة قواسم مشتركة عديدة تفرض نفسها على المؤسسات بمختلف الأحجام. والسؤال المطروح هنا: ما هي الفرص والتحولات الرئيسية التي ستهيمن على مشهد عالم الأعمال بعد كورونا، وهل ستستطيع المؤسسات مواكبة طبيعة الأعمال المتطورة في السوق والاستفادة منها؟ وفي هذا الشأن يوضح محمد أمين، النائب الأول للرئيس لمنطقة الشرق الأوسط وروسيا وأفريقيا وتركيا في دِل تكنولوجيز، أنه وفي في العصر الرقمي الذي نعيشه اليوم، من السهل القول بأن الابتكار يرتبط فقط بالتكنولوجيا، فلا يجوز دفع الابتكار فقط عندما تكون هناك اتجاهات جديدة تؤثر على نجاح المؤسسات. إن تجديد العمليات الحالية والقيام عملياً بأي شيء من شأنه تحسين الطرائق المعتادة للعمل يُعتبر ابتكاراً أيضاً. لقد حان وقت التجديد الذي يتيح للشركات تحسين دعم عملائها وتهيئة نفسها للولوج في المستقبل الرقمي واكتساب مرونة أكبر في عملياته، يعتبر الموظفون عنصراً مهماً لنجاح الأعمال. ويجب على الشركات إعادة تقييم مهارات قواها العاملة، والاستثمار في التدريب الذي يساهم في دفع التعاون وإنشاء بيئات عمل متماسكة تضمّ تقنيات وخدمات ومنتجات قابلة للتوسع وتلبي متطلبات العملاء المتغيرة. وأضاف يعتقد كثير من الناس أن التكنولوجيا الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء وبلوك تشين وغيرها ستحل محل الوظائف، ورغم ذلك، ستظهر أدوار جديدة لم تكن موجودة من قبل، مثل مشغلي السحابة المتعددة ومهندسي البيانات ومهندسي المشاريع ومتخصصي أمن البنية التحتية وغيرهم. ويتوقع المنتدى الاقتصادي العالمي أن ينشأ ما لا يقل عن 133 مليون فرصة عمل جديدة على مستوى العالم بحلول عام 2022 نتيجة لتوزيع الأعمال الجديدة بين البشر والآلات والتقنيات. ويجب على المؤسسات تشجيع تنمية المهارات لديها وضمن الأوساط الأكاديمية من خلال توفير الحلول التعليمية المطلوبة. ونوه إلى إن استمرار ظهور تقنيات جديدة يفرض على المؤسسات أن تكون قادرة على العمل في بيئات رقمية تحويلية لتحسين أعمالها ودخول المستقبل الرقمي وتقليل مخاطر التعطيل الرقمي من قبل المنافسين، وفي بحث أجرته دِل تكنولوجيز ومعهد المستقبل، أجمع المشاركون على ضرورة تطوير مؤسساتهم. وأظهر البحث أن الرقمنة لا تغطي سوى 27% فقط من مجموع أعمال هذه المؤسسات، وأن 57% منها تكافح لمواكبة وتيرة التغيير، و93% منها تجاهد لإزالة العقبات التي تمنعها من التحول إلى مؤسسات رقمية ناجحة بحلول عام 2030 وما بعده. ومع اقترابنا من عام 2030، يجب على قادة الأعمال فهم بيئتهم التكنولوجية الحالية تماماً وإعادة دمجها في استراتيجية أعمالهم الشاملة. ولذا ينبغي على قادة الأعمال التعاون بشكل وثيق مع الحكومات الاتحادية والمحلية لمعالجة الأوضاع المستجدة. ويتعلق الأمر بمدى التغيير المطلوب في الأنظمة بعد انتهاء الوباء، حيث يكتسب ذلك أهمية خاصة، لا سيما ما يتعلق بتغيير السياسات التنظيمية التي تؤثر على نجاح الأعمال التشغيلي والمالي. ومن خلال تعلم طرق جديدة ومحسنة للتعاون، نكون قد دخلنا بالفعل في المرحلة التالية من التقدم التكنولوجي الذي يركز على العنصر البشري، ووسط التغييرات غير المسبوقة التي نشهدها اليوم، هناك عنصر حقيقي وملموس من التحول المجتمعي المتوقع، والذي يؤثر بشكل مباشر على سبل عيشنا وعملنا. لكن التكيف مع هذا الواقع الجديد يتطلب جهوداً متضافرة تستدعي عملاً موحداً بين المدراء التنفيذيين وإدارات تكنولوجيا المعلومات وقادة الحكومات.