الرمية التي أرسلها أسطورة كرة السلة الأميركية مايكل جوردن في الثانية (5.2) من نهائي مباراة شيكاغو بولز أمام يوتاه جاز، استغرقت 15 سنة لتصل إلى السلة!! التاريخ يراقص المنجزات العظيمة.. تماماً كما راقص مسيرة مايكل جوردن الأخيرة في ختام رحلته مع شيكاغو بولز عام 98.. كرة السلة هي كرة الثواني الذهبية، كل لحظة فيها لها حبكة درامية تحاكي التجربة الإنسانية في الحياة.. فاللحظة ابنة النسيان إن كانت عديمة المعنى. المسلسل الوثائقي "الرقصة الأخيرة" كشف الستار عن شخصية استثنائية وتجربة قيادية ملهمة للقميص 23، صنعت فريقاً مذهلاً، وسطرت معانيَ عميقة لمفهوم النجاح في مستطيل اللعبة. لا أظن أن جوردن غادر الملعب قط.. فتجربته القيادية تنبض في تنافس لاحم يسعى للمثالية والإنجاز المستمر، هذه التجربة تستثير روح القائد فينا، معلنةً عن قيم قيادية متجذرة في أصل الرياضة ومتجوهرة في صناعة التفوق وتحقيق الذهب. أبرز تلك القيم، تلك التي تصافح معنى الفريق وأهمية التعاون في تجاوز المستحيل، فالإرث السينمائي البالي والذي يرتكز على شخصية أحادية بطولية فقط قد اندثر، فاليوم الفلسفة الجماعية هي الحل.. "الموهبة ربما قد تنتصر في مباريات عديدة ولكن الفريق وحده يحقق البطولات". وبالخوض في العمل الجماعي، وجب أن نلتفت للتفاصيل الصغيرة والتي تشكل الدوافع المحفزة لكل فرد من أفراد الفريق، ونحتضن التنوع والاختلاف لأننا بذلك نحفز على التميز والعطاء المتجدد. "أنا أستطيع قبول الفشل ولكن لا أقبل عدم المحاولة من جديد" فالمحاولة أنفاس صباحية نقية دافعة للحياة، تجعل من الفشل عتبات إسمنتية متتالية تعرُج بك للبطولة كل يوم، ورحلة البطولة وعرةٌ شقية، محفوفة بالإحباط وقلة التقدير والإنجاز، تحتاج فيها أن تستزيد من مقدار ما تحمل في راحلتك من شغف للاستمرار.. فالهالكون في الطريق كثير. ومع قرب السطور الأخيرة لصافرة نهاية هذا المقال، استوقفتني اللحظة التي تجرأ فيها جوردن على النجاح، حين أدار ظهره للقمة وعاد للبداية.. للصفوف الأولى في لعبة البايسبول.. فقط لأنه يستطيع.. ولأنه يثق أن ترياق النجاح الذي عتقته السنين يشبع أي تجربة جديدة. هذه الأنموذجة القيادية الحية، رغم كل التحديات والاندفاعات السلبية فيها إلا أنها قدمت تركيبة استثنائية صدقتها الأفعال قبل الأقوال. وأخيراً أوصيك ببساطة أن تشاهد الوثائقي، وأيضاً بالبحث في التجارب القيادية حولك علّك تجد ضالتك، لأنني أؤمن أننا نعيش في محيط من النماذج الحية الملهمة حولنا.. ربما تحتاج للتوثيق كي تكون مرجعاً أخلاقياً نافعاً للأجيال القادمة.