اذا كان البرازيليون سحرة كرة القدم في رأي النقاد والخبراء في انحاء العالم كافة، فان لاعبي الولاياتالمتحدة هم سحرة كرة السلة واسيادها، وليس ثمة من ينافسهم أو من يتطلع الى اسقاطهم عن عرش السلة العالمي، والرهان على ان منتخباً اميركياً من لاعبي الاحتياط يمكنه ان يلحق الهزيمة بمنتخب من نجوم العالم ليس رهاناً خاسراً بكل تأكيد. والعروض الرائعة التي قدمها المنتخب الاميركي الذي أطلق عليه لقب المنتخب - الحلم، في الدورتين الاولمبيتين الاخيرتين في برشلونة وفي اتلانتا دليل قاطع على ان لاعبي السلة الاميركيين هم من كوكب آخر. ويضم دوري السلة الاميركي للمحترفين مجموعة كبيرة من اللاعبين الافذاذ امثال شاكيل أونيل لوس انجليس ليكرز وحكيم عليوان هيوستن روكتس وباتريك يوينغ نيويورك نيكس وألونزو مورتينغ ميامي هيث وديفيد روبنسون سان انطونيو سبيرز ودنيس رودمان وسكوت بيبين شيكاغو بولز فضلاً عن اللاعب الاسطوري مايكل جوردان الذي قاد فريقه شيكاغو بولز الى احراز بطولة الدوري خمس مرات في سبعة مواسم وهو انجاز خارق بكل المقاييس نظراً للتنافس الضاري على اللقب الذي تشهده البطولة الاميركية. اللاعب الفريق مما لا شك فيه ان اسم مايكل جوردان ارتبط بشيكاغو بولز ارتباطاً وثيقاً فما ان يذكر اسم الواحد حتى يخطر في البال اسم الاخر تلقائياً كقيس وليلى وروميو وجولييت وعنتر وعبلة، ومن غرائب المصادفات ان شيكاغو بولز خسر بطولة الدوري يوم قرر جوردان الاعتزال اثر مقتل والده، كما كان يحصل لقبيلة عبس فهي تنتصر عندما يخوض عنترة المعارك في صفوفها وتتعرض للهزيمة عندما يعتكف ويرفض المشاركة في القتال. ويعتبر جوردان اللاعب الأعلى دخلاً في العالم اذ بلغ مجموع عائداته في العام 1977 حوالى 78 مليون دولار، وهو لا يزال الأفضل عالمياً حتى اشعار آخر، مع ان بداية الموسم الحالي حملت اشارات مقلقة سواء بالنسبة اليه أو بالنسبة الى فريقه الذي انطلق انطلاقة متعثرة ومني بسلسلة من الهزائم جعلت انصاره ومشجعيه يضعون ايديهم على قلوبهم على غرار ما حصل لانصار أي. سي. ميلان في الدوري الايطالي لكرة القدم. وكان لغياب سكوت بيبين وهو ساعد جوردان الايمن، بداعي الاصابة اثار مدمرة فبدا الفريق الذي كانت الفرق ترتعد لمجرد ذكر اسمه كما لو كان نمراً من ورق. صحوة شيكاغو بولز وقبل ان يكمل العام 1997 دورته شهد شيكاغو بولز صحوة اعادت الى الاذهان ايام عزه، فهزم خلال عشرة ايام متصدري ثلاث مجموعات هم اتلانتا هوكس المجموعة الوسطى في المنطقة الشرقيةوميامي هيث مجموعة الاطلسي ولوس انجليس ليكرز مجموعة الهادي واستعاد مايكل جوردان شهيته في دك سلال الفرق المناوئة وسجل في مباراة القمة التي جمعت بين شيكاغو بولز واتلانتا هوكس 47 نقطة، وهو اعلى رقم له هذا الموسم، كأنه أبى ان يرحل العام من دون ان يعيد فريقه الى موقعه الطبيعي فوق القمة. ولا يجوز ان نغفل الاشارة الى الدور الذي لعبه دنيس رودمان في هذه المباراة اذ حقق 29 متابعة رقم قياسي له مع فريقه حسمت النتيجة لصالح شيكاغو بولز. ورودمان والكرواتي طوني كوكوتش هما من اعمدة النادي العملاق ومن الاوراق الرابحة التي يملكها المدرب القدير فيل جاكسون. ومع عودة سكوت بيبين المتوقعة في اواسط كانون الثاني يناير الى صفوف الفريق، يفترض في الفرق التي تعلل النفس باللقب ان تعيد النظر في حساباتها لان شيكاغو بولز بعد استكمال قوته الضاربة لن يكون لقمة سائغة، وهو سيدافع بمخالبه وأنيابه عن العرش الذي يتربع فوقه. وقد صرح جوردان بعد الفوز العزيز على اتلانتا هوكس: "نحن أفضل فريق في الدوري الاميركي للمحترفين، ولولا اقتناعي بذلك لما كنت أرتدي ألوان شيكاغو بولز. وكوننا أفضل فريق يلقي على اكتافنا مسؤوليات جسيمة، لكننا اثبتنا حتى الآن اننا أهل لتحمل المسؤوليات". أما بيبين الذي يتلهف الى اللعب بعد تماثله للشفاء، والذي يشكل مع جوردان ثنائياً متناغماً وخارقاً فقد صرح بدوره: "ان لاعبي شيكاغو بولز يلعبون حالياً بصورة ممتازة من دون مشاركتي وأنا سعيد بذلك مع انه يثير في نفسي مشاعر الغيرة. آمل ان اعود الى الملاعب في غضون اسبوعين، وفي انتظار ذلك يطيب لي ان استمتع بدوري كمتفرج". ولا بد لنا في معرض حديثنا عن شيكاغو بولز وعن تألق مايكل جوردان من التساؤل: هل ينوي جوردان الاعتزال حقاً في نهاية هذا الموسم؟ وكيف يمكن ان يقدم على هذه الخطوة وهو في قمة عطائه؟ وهل من السهل ان يهجر اضواء الشهرة وان يذبح الدجاجة التي تبيض ذهباً؟ ألا يمكن ان تكون شائعة اعتزاله بالون اختبار لرصد ردات الفعل ولرفع قيمة العقد في الموسم المقبل عندما تبدأ مفاوضات التجديد؟ ان مايكل جوردان يقف الآن على عتبة الخامسة والثلاثين، والدلائل تشير الى انه قادر على الاستمرار فوق القمة لمواسم عدة. ولكن يجب ألا يغرب عن بالنا في الوقت ذاته ان عالم الرياضة مشحون بالمفاجآت، ولعل خير مثال على ذلك بطل الدراجات الاسباني ميغيل اندوران، فبعد احرازه دورة فرنسا للدراجات خمس مرات على التوالي، توقع الخبراء ان يحرز الدورة أكثر من مرة، لكن الدورة اللاحقة شهدت سقوطه وأدت الى اعتزاله. فهل يريد جوردان ان يعتزل ليتفادى مطبات الفشل ولكي يبقى اللاعب الأسطورة في اذهان الجماهير؟ نترك للزمن أمر الاجابة عن هذا السؤال، وفي الانتظار علينا ان نستمتع بأداء جوردان الساحر قبل ان يفوتنا قطار المتعة.