نعيش في هذه الفترة تحت ظروف جائحة كورونا (كوفيد 19) والتي قلبت حياتنا وتوقعاتنا من حال إلى حال. ومنذ بداية انتشار هذا الفيروس، كنا نعتقد بأنه سيزول في فترة، وجيزة كحال باقي الفايروسات التي مرت وسمعنا بها أو قرأنا عنها. ولكن سرعان ما انتشر هذا الفيروس ما بين شخص وآخر، حتى وصل إلى مجموعة كبيرة من دول العالم، حيث وصلت أرقام المصابين به بل وحتى المتوفين بسببه إلى أرقام قد تتغير كل ساعة. ومع كل هذا، يجب علينا نحن كبشر بالنظر إلى هذه الجائحة من زاوية أخرى ألا وهي الإيجابية. قال سبحانه وتعالى: ( وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ)، فهذه الآية كفيلة بأن تجعلنا نستشعر جميع ماحولنا من نعم الله لنعرف قيمته. فمن أهم نعم الله علينا هي صحة الإنسان. فقد ندرك الآن أهمية مشينا على هذه الأرض وامتلاء صدورنا بالهواء النقي، وبأنفاس عميقة فنبصر ما حولنا، وتلتقط آذاننا ماتبوح به الحياة لنا. إن الصحة هي قمة النعم الدنيوية فهي التي تمنحنا القوة الكافية لنقوم بأعمالنا اليومية، ونكافح في هذه الحياة لأجل أنفسنا وأهلنا. وعلى عكس ما هو حال الإنسان المريض الفاقد لهذه النعمة العظيمة، والذي بحاجة إلى رعاية طبية فقط ليستطيع التنفس والبقاء على قيد الحياة. ومن الإيجابيات أيضاً هو الالتماس لما تقوم به حكومتنا الرشيدة يوم بعد يوم من تجاوب وتغيير واستعداد للتعايش تحت الظروف القاهرة التي تسبب بها فيروس الكورونا. فلدينا أعين ساهرة على أمننا وحمايتنا، كما لدينا كوادر طبية تحافظ على صحتنا بعد الله سبحانه. فهذا يكفي بأن نشعر بالقيمة والأمان في وطننا أدامه الله علينا وعلى العالم أجمع. ومن باب آخر، عملت جميع الوزارات والقطاعات الحكومية والخاصة أيضاً على تنمية البوابات الإلكترونية وتطويرها بشكل سريع لمواكبة سير العمل وإدارة جميع المهام عن بعد. ولقد استفادت جميع القطاعات في دمج وسائل التقنية من ضمن خطة سير الأعمال، والتي أنتجت عنها بتقليل المخاطر والخسائر على صعيد العمل والوظائف بشكل سواء. وكما أنني أشكر مرور هذه الجائحة لأنها السبب الرئيسي والأهم لإعطائنا الوقت الكافي لفرصة إيجابية ألا وهي اكتشاف الذات وتعلم أو تطوير المهارات. أصبح لدينا في هذه الفترة المتسع من الوقت للجلوس مع ذواتنا، واكتشاف حقيقة مانود فعله في هذه الحياة سواء على الصعيد الشخصي، الأسري والمجتمعي أيضاً. كثير منا لم يدرك المهارات التي يمتلكها إلا في فترة اكتشاف الذات، وإن الأشخاص المحظوظين هم الذين اجتهدوا في استغلال هذا الوقت بتطوير مهاراتهم أو تعلم مهارات جديدة. فعلى الصعيد الشخصي، فقد أشكر الله على نعمة هذا الوقت الذي ساعدني في التفرغ للقراءة بشكل أطول والكتابة أيضاً. كما أنني عملت جاهداً على تطوير وتعلم اللغة الفرنسية طالما أحببتها منذ الصغر. ختاماً، من الطبيعي علينا نحن كبشر الخوف والتوتر في مثل هذه الأوضاع الراهنة. ولكن يجب علينا دائماً النظر إلى الجانب المضيئ وعدم التذمر أو التوتر من ظروف الحياة لأن عقلنا يترجم بحسب مانفكر به. قرار عودتنا للحياة الطبيعية تتطلب الوعي من المواطن، والمقيم للتعايش بشكل أصح. فإن أحسنوا التصرف بالتباعد الاجتماعي وغيرها من التعليمات التي وضعتها حكومتنا الرشيدة، سنعيش ونتعايش بشكل أفضل بإذن الله.