واصلت نجاة الصغيرة أسئلتها الحلوة للشاعر المُغرم كامل الشناوي والذي كانت إجاباته رشيقة رغم وزنه الثقيل، ويبدو من صوته أنه في غاية السعادة بضيافة نجاته له في الإذاعة، أهل الصحافة يقولون: إنّ الشناوي مُغرم بنجاة بلا جدال، وقال لي أديب مصري ونحن في القاهرة: إن الشناوي قال لنجاة: عينك توجعني! وأنه أبدع قصيدة، لاتكذبي، فيها، حين خرج من عيد ميلادها كسير القلب! ولا تُلام نجاة على عدم مبادلته الحب رغم معرفتها أنه يهيم بها أي هيام، على ما يُقال، فنجاة رشيقة رقيقة، وكامل الشناوي، رغم أنه شاعر مبدع وخفيف دم، سمين جداً، وفوضوي إلى حدّ كبير، وفارق السن بينهما قريب من الثلاثين فهي أصغر منه بكثير، نجاة لا تريد منه إلاّ شعره الأنيق تشدو به في طرب بديع.. قالت له: أعرف أنه يهزك الجمال في وجه أو أغنية أو قصيدة، ما هي مقاييس الجمال عندك؟ لم يقل التناسق كما قال أرسطو، قال، وكأني به يُحدق في وجهها العذب ويهتز: مقاييس الجمال عندي الاهتزاز! أي شيء يهزني جميل! الجمال مثل الفن ما له مقاييس، الجاذبية التي تهزني هي مقياسي الوحيد! ذكرني تعريف الشناوي للجمال بالبيت المشهور: إذا الشعرُ لم يهزُزْك عند سماعهِ فليس خليقاً أن يُقالَ لهُ شعرُ. ثم قالت نجاة وضحكاتها كالهمس: وماذا يشدك في المرأة؟ قال المرأة نفسها، المرأة التي أحسّ أنها أنثى وأحس بوجودها أني رجل، قالت وماذا تكره في المرأة؟ قال أكره المرأة الرجل ولو كانت جميلة الشكل، سألت بنعومة: الشعراء ينفعلون مع الحب فيبدعون، ما الفرق في رأيك بين الحب الصادق و الكاذب؟ أجاب: الحب الذي يولد الانفعال كله صادق، مافيه هنا حب صادق وحب كاذب، فيه حب طويل وحب قصير، الحب الذي عمره طويل هو الذي تسيطر فيه العاطفة على العقل، والحب الذي عمره قصير هو الذي يسيطر فيه العقل على العاطفة، هكذا قال، وجوابه غريب، لعل الصحيح في نظري، الحب الذي يملك القلب ويقنع العقل هو طويل العمر.. سألته ما رأيك في الحب من طرف واحد؟! قال هذا هو الحب العنيف الذي يدوم! الحب المتبادل غالباً يموت! أضاف ولا أريد أن أحلل الحب فيفسد.. قالت: أستاذ كامل، قسّم لي وقتك، كم ساعة تعيش في الواقع، وكم ساعة تعيش في الخيال؟ قال أعيش في الواقع حين أنام، وأعيش في الخيال حين استيقظ! قالت ضاحكة: معروف عنك أنك ساخر هل قلت شيئاً من ذلك في صديق؟ أجاب لا أتذكر الآن لكن لي صديق خُلقه جيد وسلوكه سيئ ما أعرف كيف تناقض، فقلت عنه، أردتُ أن أكرهه فلم أستطع، وأردت أن أحبه فلم يستطع! واصلت نجاة أسئلتها الحلوة، وتلقت الإجابات الرشيقة في حوار طويل جميل موجود في «اليوتيوب».