تشهد عملية إدارة المحتوى الرقمي عصراً جديداً في ظل استمرار تطبيق الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها دول العالم للحد من انتشار جائحة كورونا حيث تعد قواعد تطبيق التباعد الاجتماعي محور هذه الإجراءات التي سيستمر تطبيقها على الرغم من القرارات التي اتخذتها معظم الدول لمعاودة الحياة الطبيعية تدريجياً، وفي ظل تزايد استخدام التواصل عن بعد من خلال الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي في كافة مظاهر الحياة تبرز الحاجة إلى توجه صانعي القرار نحو وضع سياسات رقابية تحقق التجويد والاحترافية لدى القائمين على إدارة المحتوى الرقمي ليتناسب مع متطلبات الجمهور في هذه المرحلة المهمة التي سيتزايد خلالها استخدام وتوظيف المحتوى الرقمي في كافة مجالات الحياة، وقد أظهرت نتائج استطلاع رأي نشرته مجلة Commmunication & Society (2020) تزايد مخاوف الجمهور من استخدام المحتوى الرقمي في ظل إدارة المحتوى المزعج وغير الملائم لرغباتهم واحتياجاتهم في بيئة التواصل الاجتماعي. ويعد التخطيط من أهم وظائف إدارة المحتوي الرقمي، ويختلف التخطيط بمفهومه العام عن التخطيط في مجال إدارة المحتوى الرقمي والذي يمثل عملية ديناميكية في ظل أهداف قصيرة المدى وقابلة للتجديد والتطوير المستمر ومواكبة المستجدات والتدقيق السريع للمعلومات في ظل قيادة إلكترونية تتميز بسرعة الحركة والاستجابة والمبادرة في اتخاذ القرارات والمهارة العالية في التكيف مع مستجدات التقنية المتغيرة. ويؤيد الباحثون في مجال الإعلام في جامعة بوسطن أهمية حصول المستخدم على موقع نشط كعامل من العوامل التي تجعل إدارة المحتوى الرقمي أكثر تفاعلية، وذلك من خلال منح المستخدمين إمكانات اختيار المحتوى والتحكم في منصات الوسائط، والأهم من كل هذا أن يكون المحتوى ذاته ملائماً لاحتياجات المستخدمين، فالمستخدم لا يصل للمحتوى فحسب بل يضيف إليه فيصبح هو صانع للمحتوى أو المصدر Source وفقاً لمصطلح الاتصال الذاتي الجماهيري Mass self communication الذي حل محل مصطلح الاتصال الجماهيري Mass Communication، ولم يقتصر تغيير مفهوم الاتصال على دور الجمهور في النموذج الاتصالي بل امتد أيضاً إلى تغيير مكونات هذا الجمهور ليصبح سريع الخطى، يسعى إلى المحتوى القصير، بالإضافة إلى الاهتمام بالجديد والتشكيك في المصداقية للمحتوى ليصبح التفاعل أكثر ذكاء وهو ما يتطلب من مديري المحتوى أهمية التوجه نحو دراسة البيئة التفاعلية للمستهلكين والاهتمام بآرائهم وتوجهاتهم عبر منصات التواصل الاجتماعي. وتتطلب إدارة المحتوى الرقمي اكتساب العديد من المهارات الإدارية والإعلامية والتفاعلية بداية من مرحلة صناعة المحتوى والحصول على المصادر وكيفية استخراجه والعناصر الإبداعية ودراسة طبيعة الجمهور وخصائصه واستخدام الموضوعات التفاعلية، كما تحتل المتطلبات الاقتصادية من الميزانيات والأموال اللازمة للإنفاق موقعاً مهماً في مجال إدارة المحتوى، والأهم من كل هذا المتطلبات الأمنية للمحتوى الرقمي سواء بالحفظ أو التخزين والسرية والإتاحة بشكل آمن للجميع. * قسم الإعلام/ جامعة الملك فيصل