«الإدارات العليا» داخل القطاعات والمؤسسات وإيمانها بالاتصال المؤسسي ودوره المهم والحيوي، يجعلها مسؤولة مسؤولية كاملة عن تحديد ما يُعرف بالتواصل الناجح داخل القطاع أولاً، وتحوله إلى ثقافة راسخة لدى «الموظفين» بإتاحة المساحة الكاملة له، وتوفير الدعم اللازم، من أجل عمل أفضل ونتائج أكثر إيجابية.. يعتبر الاتصال الفعال بكافة أنواعه وأشكاله المحرك الأساسي الأول لكافة الأعمال والمهام، وعصباً حيوياً داخل وخارج كافة الأعمال الفردية والمؤسساتية وكذلك القطاعات الحكومية المتعددة؛ كما أنه إحدى الأدوات التي يعوِّل عليها لتحقيق أهدافها بجودة عالية؛ ولإبراز الصورة الذهنية لها برزت الحاجة إلى تطوير طبيعة عمل قسم العلاقات العامة داخل المؤسسات لمفهوم أكبر، مما دفع المؤسسات الكبرى إلى تبني فكرة "الاتصال المؤسسي" بدلاً من الاكتفاء فقط بالعلاقات العامة والإعلام -وكما يرى مركز التواصل الحكومي- أن المتخصصين وأرباب الاتصال المؤسسي أدركوا مبكراً أهمية الدمج بين تخصصي العلاقات العامة والتسويق، ومنهم "كوتلر" أستاذ وعراب التسويق في التسعينيات الميلادية صاحب المقولة الشهيرة "هناك حاجة حقيقية لتطوير نموذج جديد يعمل فيه التسويق والعلاقات العامة معًا بأقصى قدر من الفعالية لمصلحة المنظمة والجمهور الذي تخدمه". وفي ظل تطور الاقتصاد العالمي، وتنامي الشركات العالمية المتعددة، وزيادة الجمهور المستهدف الداخلي والخارجي، وتطور الاتصال الرقمي والثورات التقنية.. نجد أن جميع هذه العوامل أسهمت في الحاجة إلى وجود أنموذج يتم فيه دمج التسويق والعلاقات العامة تحت مسمى "الاتصال المؤسسي" الذي يعد مظلة إدارية تندرج تحتها: الإعلانات، والعلاقات العامة، والتسويق، والاتصال التسويقي، والاتصالات الداخلية والخارجية، وإدارة الأزمات، والمسؤولية الاجتماعية. ومنه بدأ الاتصال المؤسسي من العلاقات العامة وتطور كممارسة داخل الشركات الصناعية كالاهتمام بالموظفين، والمستثمرين، والعلاقة مع القطاعات الأخرى الحكومية أو الأهلية أو الخاصة ثم جاءت الجوانب التجارية لاحقاً كالإعلانات والاتصالات التسويقية والوسائط التفاعلية.. والاتصال المؤسسي كما يعرف أنه عملية إدارية توفر إطاراً للتنسيق الفعال لجميع الاتصالات الداخلية والخارجية، وإنشاء وبناء السمعة المؤسسية والحفاظ عليها مع أصحاب المصلحة والجمهور التي تعتمد عليها المنظمة أو القطاع، لذلك نجده اليوم ليس عملاً تسويقياً ارتجالياً بل رؤية استراتيجية تبدأ بالتخطيط ضمن رسالة موحدة لهوية المنظمة تنفذ بالأنشطة والبرامج والمبادرات لبناء السمعة وتعزيز الصورة الذهنية والتواصل الداخلي والخارجي والمجتمعي، وتوثيق العلاقة مع وسائل الإعلام المتنوعة من خلال إبراز إنجازات المنشأة وخدماتها مروراً بأهم الأدوار التي تقوم بها إدارة الاتصال المؤسسي وهي بناء الهوية المؤسسية للمنظمة وحماية سمعتها، ومساعدتها أثناء حدوث الأزمات، بإعداد الخطط المسبقة لإدارة الأزمات والتنبؤ بحدوثها بهدف السيطرة عليها والتعامل الأمثل من خلال معالجتها والاستجابة السريعة لها، إضافةً إلى تعزيز الاتصال المجتمعي بمبادرات للمسؤولية الاجتماعية المستدامة، وخلق برامج ذات إثر ملموس في التنمية المستدامة، وتلبية احتياجات المجتمع، والاستخدام الأمثل لمواردها. ومن أهم قواعد طبيعة عمل "الاتصال المؤسسي" واعتماده في نجاح القطاعات أنه يبدأ أولاً من داخلها بتعزيز اتصالها بجمهورها الداخلي، وهم "الموظفون" أهم بناة القطاع وسفراؤه وهم أهم من سيدافع عن القطاع أولاً ؛ نظراً لإسهامه في ترسيخ الرضا الوظيفي لديهم عن القطاع وسياساته والتفاعل والاندماج مع برامجه؛ لذا تركز نظريات "الاتصال المؤسسي" على تلبية احتياجاتهم واحترامهم، وانتمائهم للقطاع أولاً ولبيئة العمل ثانياً، وهذا لا شك مما سيرفع معنوياتهم ويزيد من أدائهم الوظيفي وإنتاجيتهم وعطائهم حتى ولائهم. بقي أن "الإدارات العليا" داخل القطاعات والمؤسسات وإيمانها بالاتصال المؤسسي ودوره المهم والحيوي، يجعلها مسؤولة مسؤولية كاملة عن تحديد ما يُعرف بالتواصل الناجح داخل القطاع أولاً، ومعرفة أنواعه، واستخدامه كأداة مؤثرة نحو تحقيق الأهداف، والوقوف على معوقاته والعمل على تلافيها، مع الحرص بصفة مستمرة على توفير بيئة دائمة داخل القطاع تدعم الاتصال الفعال وتحوله إلى ثقافة راسخة لدى الموظفين لا تتغير مع أي تغييرات أخرى تحدث داخل القطاع بتعزيز دوره داخل إداراتها وإتاحة المساحة الكاملة له، وتوفير الدعم اللازم، من أجل عمل أفضل ونتائج أكثر إيجابية.