في خضم الحياة اليومية يحدث معنا جميعا أن نكوّن صورة ذهنية عن مختلف العناصر والمعطيات من حولنا بما فيها المنظمات التي نتعامل معها، ولأن الصورة الذهنية تعرف بأنها جملة المعلومات التي تقود لتصور ذهني معين نحو شيء، فإن من الجدير بالمنظمات أن تهتم بالمحافظة على سمعتها عن طريق تكوين انطباعات جيدة لدى عملائها بكل الطرق الممكنة، أحدها وأهمها العناية بالاتصال المؤسسي سواء الداخلي، الذي يستهدف الموظفين أو الخارجي منه والمتعلق بالجمهور. فالاتصال المؤسسي كعنصر مهم وحيوي في إدارة المنظمات وتحفيز استمرارها عبر ربطها بالمجتمع وتوثيق عرى كيانها الداخلي لم يكن بمعزل عن التطور، فكانت بدايته من العلاقات العامة ثم تطور كممارسة داخل الشركات الصناعية كالاهتمام بالموظفين والمستثمرين والعلاقة مع الحكومة وأخيراً التفاعل مع الجوانب التجارية كالإعلانات والاتصالات التسويقية. وحيث إن نجاح المنظمات يبدأ من داخلها بتعزيز اتصالها بجمهورها الداخلي، فالموظفون بالتالي هم السفراء الحقيقيون للمنظمة، حيث يسهم الاتصال الجيد بالعاملين في ترسيخ الرضا الوظيفي عن المنشأة وسياساتها والتفاعل والاندماج مع برامجها، وهم مَنْ يدافع عن المنشأة ويحافظون على انسيابيتها واندماجها وصمودها. ولا بد أن نشير للدور الحاسم والفاعل للاتصال المؤسسي أثناء تعرض المنظمة للأزمات، فخبراء الاتصال في المنظمات الناجحة يعملون على إعداد الخطط المسبقة لهذا الغرض والتنبؤ بحدوث النوائب بهدف السيطرة عليها والتعامل الأمثل من خلال الاستجابة السريعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي المتنوعة. إذاً فالاتصال المؤسسي ليس عملاً ارتجالياً، بل رؤية إستراتيجية تبدأ بالتخطيط ضمن رسالة موحدة لهوية المنظمة تنفذ بالأنشطة والبرامج والمبادرات لبناء السمعة وتعزيز الصورة الذهنية والتواصل الداخلي والخارجي وتوثيق العلاقة مع وسائل الإعلام المتنوعة من خلال إبراز إنجازات المنشأة وخدماتها. وإذا ضمنا اتصالاً جيداً وفعالاً وعصّرياً، فإن البناء المعرفي حول المنظمة يتطور وتأخذ الصورة الذهنية أطرا وأبعادا رائعة.