أينما يحل ناصر القصبي تحل الدهشة، هذا العام استطاع أن يلحق بدراما رمضان الحولية بطريقة ماراثونية، وعلى طريقة جبر الخواطر، بعمل سريع ومرتبك لم يطبخ على نار هادئة كما هي عادة ناصر في أعماله، وكأن العمل لفق على طريقة الفزعة التي دأبت عليها الكثير من المسلسلات المحلية، لكن وعلى الرغم من طابع السرعة وعدم وجود قصة للمسلسل، إلا أنه أحدث جدلاً هائلاً من النقاشات الحادة حول العديد من القضايا، التي طرحها كقضية فلسطين، وظاهرة المثليين وأشياء أخرى، فكانت الآراء منقسمة بين مؤيد ورافض. في الأولى أشار إلى أن هناك قوى فلسطينية مستفيدة من الوضع الراهن لا تريد السلام، لأن السلام يعني حل القضية الفلسطينية وحل القضية يعني حرمانها من الأموال التي يتاجرون بها كحماس وغيرها من القوى الراديكالية، أما ظاهرة المثليين فقد أثارها المسلسل باعتبارها ظاهرة اجتماعية يجب دراستها، ومعالجتها، وعدم السكوت عنها. هذا ما يخص مخرج سبعة. أما مسلسل أم هارون فهو امتداد لمسلسلات الغرف الكويتية التي عادة ما تدور أحداثها حول الزواج والطلاق والورث والمناقصات، جديد مسلسل أم هارون هو أنه تطرق إلى قضية الجالية اليهودية، التي عاشت بالكويت في بدايات القرن الماضي، وكيف تعرضت للمضايقات حتى هجرت الكويت والخليج والدول العربية بشكل عام، وهذه سقطة ثقافية تاريخية لا يودون الاعتراف بها لأن الثقافة العربية تكره الاعتراف بالخطأ، عندها تعالت الأصوات الموشومة بالتوجهات المذهبية والعنصرية والراديكالية، التي تطالب بإيقاف المسلسل. مسلسل رحى الأيام كان البطل بلا منازع هامور العقار النجدي أبو سعود، الذي مثل شخصيته ماجد مطرب باقتدار عال، أما مسلسل ضرب الرمل الذي يذهب بك إلى آفاق تاريخية بعيدة ثم يقطع بك الحبل فتتوه، بعض المشاهد غير مترابطة، يظهر عليها طابع السرعة والارتجال أيضاً، فهو لم ينجح رغم محاولة المخرج ماجد الربيعان ومروة محمد وأسامة القس وشافي الهاجري، ما يميز هذا المسلسل هو وجود المطرب الشعبي خالد عبدالرحمن الذي لم يوفق في أداء الدور، فهو يذكرني بدور الفنان محمد حمزة في أصابع الزمن وكيف كان يتحنط أمام الكاميرا بطريقة لا تمت للفن وأهل الفن بصلة. أما مسلسل مليار ريال فهو صورة سيئة للأعمال التجارية التي ازدهرت أيام شنط السمسونايت ومتعهدي الدراما، فالقصة سعودية والكاتب كويتي والمخرج لبناني والمنتجة لبنانية والممول التلفزيون، والضحية المشاهد، هذه المسلسلات لا تقل وطأة عن جائحة كورونا التي اثقلت كاهل المشاهد المحلي، لقد آن الأوان أن تعدل هذه الصورة المقلوبة، وأن تنفخ الروح بالدراما المحلية، التي ظلت طريحة الفراش لسنوات طويلة تتعاقب على علاجها أيادٍ ووجوه كثيرة، ويدفع ثمن فاتورتها التلفزيون السعودي.