في كل الأزمنة نجد أن طرق التعامل تختلف تمامًا سواء في الاقتصاد أو الأعمال أو المجتمع نفسه. وهذه الأزمنة تتأثر كليًا بالصناعات التي بزغت في تلك الفترة. وفي زماننا نجد أن الصناعة الرقمية هي التي أصحبت تقود عصرنا هذا. فنجد مفاهيم كثيرة تطورت وقطاعات تغيرت لترتبط بالتقنية مثل التقنية المالية أو الصحية، التي قفزت بها قفزة نوعية. فبدأ دور تقنية المعلومات في البروز أكثر وأكثر، وأصبح دورها في تحول الأعمال من تقليدية إلى رقمية مطلبًا مهمًا للاستمرار في خضم التغييرات التي تحدث في الاقتصاد؛ حيث لا يقتصر فقط على تحسين إنتاجية التشغيل وخفض تكاليفها، بل يسهم بشكل كبير في تطوير تجربة العميل للخدمات المقدمة. وأضف إلى ذلك تغيير آلية الأعمال وتقديم منتجات متطورة. فهناك شركات اختفت في السنوات الماضية بسبب عدم مواكبة التحول الرقمي مثل شركة ToysRus. والبعض استفاد من هذا التحول بالتقليل من فروعها بسبب تحول خدماتها إلى الإنترنت، ما زاد من سرعة الأداء وتقليل التكاليف، وأضف إلى ذلك إنشاء منتجات أو سوق جديدة لم تكن متوفرة سابقًا. وهذا يدل على أهمية أن تتحول إدارة تقنية المعلومات من قطاع داعم إلى حيوي، لتبدأ الجهة بتقديم منتجاتها وخدماتها بشكل مختلف يعتمد بشكل كبير على الفضاء الرقمي أكثر وأكثر. إن الأزمات تحدث خلخلة في الأسواق الاقتصادية، كما رأينا ماذا حدث للأسواق المحلية أو العالمية جراء أزمة الكورونا. وكيف أن بعض المتاجر المواكبة للتحول الرقمي وكان لها وجود في الفضاء الإلكتروني لم تتأثر بشكل ملحوظ، وخفف عليها اهتمامها بالتقنية من أثر حالة الحجر الصحي. بينما وجدنا البقية تأثرت بشكل ملحوظ بسبب قلة الاهتمام بالتحول الرقمي أو من الرغبة في توفير الصرف لاعتبارها رفاهية وليست ذات أهمية. وينطبق ذلك على بعض الجهات الحكومية والخدمية، التي سارعت جدًا في دعم التقنية للقيام بعملها ولو عن بعد. الكل أجمع أن العالم سيتغير بعد هذه الأزمة. فهناك مفاهيم ترسخت لدى الجميع، ومنها أن التقنية ليست رفاهية، بل أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وهذا انطبق على جميع شرائح المجتمع. فالتخوف من الشراء الإلكتروني اضمحل إلى الدرجة التي أصبحت فيها المتاجر لا تستطيع استيعاب كمية الطلبات الإلكترونية. وتوجه الأشخاص إلى التعلم الإلكتروني للاستفادة من وقتهم في العزلة سيغير تفكير الناس حول مدى جدوى الطرق التقليدية للتعلم وغيرها من القطاعات التي تأثرت مثل دور السينما والملاهي، التي استبدلها بها الناس مفاهيم رقمية مختلفة مثل الواقع المعزز (VR) ودوره في أن يجعلك تعيش الأحداث، أو شركات منصات البث، التي ارتفعت أسهمها في الأسواق لقدرتها على التكيف أكثر بسبب تركيزها على البث في الفضاء الرقمي. عندما كان التغيير اختياريًا كان هناك الوقت المتسع لتجربة نماذج أعمال مختلفة مبنية على الفضاء الرقمي وقيادة السوق الجديدة عن طريق تبني تلك النماذج. ولكن الآن أصبح التغيير إجباريًا، وتكلفته عالية جدًا، والتحديات كبيرة؛ كون الدخول في الأسواق متأخرًا فيها درجة الخطورة عالية. وأصبح الجميع يعي دور تقنية المعلومات، وأنه ليس فقط داعمًا للعمل بل قطاعًا حيويًا يتم عن طريقه خلق منتجات وأسواق جديدة.