أتابع بقلق بالغ ما تبثه فئة وهي قليلة ولله الحمد من سموم للطعن في المواقف المشرفة للمملكة العربية السعودية تجاه الكل الفلسطيني؛ الأرض، والتاريخ، والشعب، والقضية، متنكرة للدعم غير المحدود الذي قدمته المملكة العربية السعودية ولم تزل تقدمه للقضية الفلسطينية على امتداد زمانها واتساع تداعياتها، وهذا الطعن مؤذ ومرفوض رفضاً قاطعاً على الصعيدين الرسمي والشعبي داخل فلسطين وخارجها، لكونه لا يخدم إلا الأهداف التي يسعى الاحتلال إلى تحقيقها بكل السبل، وهو يمارس مهمته العظمى في هذا الاتجاه، وهو التشويش على عدالة القضية الفلسطينية وتجريدها من بعدها العربي وعمقها الإسلامي، والتشويش على نزاهة الشعب الفلسطيني وتجديد الترويج لكذبته القديمة الحديثة التي أقحمها في الثقافة الصهيونية ويحاول إقحامها في العقل العربي والإسلامي، ولكن هيهات أن ينجح في ذلك، أقصد كذبته المتمثلة في أن الشعب الفلسطيني باع أرضه لليهود، وهذا بكل تأكيد محض افتراء وتدليس، والقارئ الجيد للتاريخ يدرك حقيقة هذه الكذبة ويدرك أبعادها والمراد منها، وهي ليست الكذبة الوحيدة للكيان الغاصب الذي ادعى مراراً أن الأمر كله له؛ حتى الثوب الفلسطيني ثوبه، والدبكة الفلسطينية دبكته، وهكذا هو دوماً؛ يجادل دون حياء، ولا غرو في ذلك فقد جادل الله الذي خلقه في بقرة. وعودة لتلك الفئة التي تعمل على تلويث العلاقة الفلسطينية - السعودية خدمة لأجندات خارجية، فإنني أوثق إدانتي ورفضي لكل ما صدر عنها من الأقوال والسلوكيات المسيئة للمملكة العربية السعودية ولدورها المشرف تجاه فلسطين وشعبها وقضيتها. وإني لأحمد إلى دولة رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور محمد أشتية تصريحه الذي حسم هذا الأمر في مؤتمر صحفي إذ قال فيه الآتي (حرفياً): "باسم الرئيس أبومازن أتمنى على كل إنسان فلسطيني ألا يسيء لأي إنسان عربي أينما كان وحيثما كان، المملكة العربية السعودية؛ بملكها، بحكومتها، بأهلنا السعوديين، هم عزيزون علينا، والمملكة تساعدنا على مدار الأعوام الماضية. وكذلك أحمد للأخ الأستاذ باسم الأغا؛ سفير دولة فلسطين في السعودية، تصريحاته المتتابعة التي يعبر من خلالها عن رفضه واستنكاره لتلك الفئة القليلة التي لا تمثل إلا نفسها والأجندات الخارجية التي توجهها. ومما لا شك فيه أن تلك الأقوال أثرت سلباً على عدد غير قليل من الإخوة السعوديين الذين عبروا عن رفضهم لها بأسلوب حاد، ولا أضع كثيراً من اللوم عليهم؛ فمن حق كل امرئ أن يدافع عن وطنه وعن قيادته، لكنهم بكل تأكيد لا يمثلون أبداً الموقف الرسمي والشعبي للمملكة العربية السعودية. وهذا يبدو جلياً من خلال ما يوليه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز من دعم وتأييد لفلسطين وللقضية الفلسطينية، وإني لأعتز أيما اعتزاز بما يردده دائماً في مختلف المناسبات من عبارات الاحتضان المطلق للقضية الفلسطينية ولطالما عبر عن ذلك بقوله: "فلسطين هي قضيتنا الأولى حتى يحصل الفلسطينيون على حقوقهم"، ولا غرابة في ذلك على الإطلاق فهذا هو ديدن المملكة العربية السعودية الممتد منذ عهد القائد المؤسس جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - رحمه الله -، إلى يومنا هذا في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وبطانته الكريمة وفي مقدمتها ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ومروراً بملوك آل سعود جميعهم دون استثناء. وفي هذا الصدد يطيب لي أن أزين سطوري هذه بمثال حقيقي يعكس مشاعر الشعب السعودي تجاه فلسطين، وهو بلسان المثقف السعودي الدكتور صالح عيظة الزهراني؛ الأستاذ المشارك بقسم اللغة العربية في كلية الآداب بجامعة الملك سعود، الذي غرد بقوله: "رغم اللغط السائد، فإن فلسطين قضية إسلامية أولاً، وعربية ثانياً، وإنسانية ثالثاً، وإسرائيل كيان غاصب غير شرعي الوجود، والحل نهاية الاحتلال وعودة الحق لأصحابه. أما الهجوم المغرض ضد السعودية رغم موقفها الناصع قياساً بغيرها، فلا ينبغي الالتفات إليه لأن رسالتها أعظم من أن يعيقها معتوه من هنا أو هناك".