الوصفة الطبيّة غايتها علاج الجسد من أوجاعه، وكذلك الوصفة الإعلاميّة هنا ولكنها تستهدف علاج الحواس من بعض الغبار الإعلامي الذي يثيره أنصاف المواهب وبعض أصحاب الحسابات الملقاة على قارعة طريق تطبيقات ومنصّات التواصل الاجتماعي. وتستهدف هذه الوصفة (في سبعة منطلقات) حماية عقلك من الحيرة وقلبك من الهم والغم جراء هذه المواد المؤذية للحواس والذوق العام: أولاً: اقمع فضولك واحذف حسابات التافهين والتافهات فهم يستهلكون وقتك وجهدك الفكري فيما لا طائل منه. وحتى تميّز هؤلاء فقط تأمل المواد التي يبثونها وينشرونها واسأل نفسك عن القيمة الفكريّة والثقافيّة وحتى الترفيهيّة التي قدموها لك طيلة فترة المتابعة. ثانياً: دقّق جيداً في أسباب اشتهار هؤلاء الناس وقيمتهم في مجتمعهم وإضافتهم لتخصصاتهم (إن وجدت) أو دورهم الإيجابي في المجال العام. ثالثاً: راقب لآخر مرّة المواد التي يقذفون بها الناس حول الأزمة وتداعياتها لتتأكد أن معظم هؤلاء المفلسين يسرقون أثمن أوقاتك منك. رابعاً: لا تغتر بكثرة المتابعين لهم فالناس يتزاحمون على محلات (أبو ريالين) ليس لندرة بضائعها وجودة ما تقدمه، وإنما لرخص ثمنها مع أن هناك فائدة ترتجى من هذه المحلات لغير القادرين. أما على الفضاء الإلكتروني فالبدائل الثمينة كافية ومجانيّة فلا تتبع الرخيص فترخص أنت تدريجياً بفعل الأثر التراكمي للتفاهة والتسطيح الذي يبثه هؤلاء في الوعي واللاوعي. خامساً: تأمل كم من "فضيحة" زادت شهرة بعضهم. فواعجبا ممن يعيش ويعتاش على الفضائح والتفاهة، والأعجب من ذلك هو من يرى نفسه من العقلاء ثم تقوده الفضائح إلى متابعة منصّات مشاهير التفاهة. سادساً: فتّش عن بدائل وخيارات مثلى مقابل الوقت الذي كنت تمنحه لهم. ستجد كثيراً مما يضيف لك ويكسبك المزيد من المعارف والمهارات في مجالك أو في مجال آخر كنت تتمنى الوقت الكافي لإشباع تعطشك للاستزادة منه. سابعاً: جرّب أن تبدأ "مهارة الأسبوع" أو برنامج "هواية الأسبوع" مثلاً بحيث تحدّد موضوعاً أو مهارة نافعة أو هواية لم تجد لها وقتاً في سابق أيامك وخصّص لها نفس الوقت الذي كنت تخصصه لهؤلاء المفلسين. ستدهش حين تعرف أنّك قد تعلمت شيئاً جديداً خلال هذا الأسبوع المختار وكسبت عقلك ووعيك. وبالطبع ستجد نفس البدائل على جهازك (وبين يديك) سواء عبر المواقع وقنوات اليوتيوب المتخصصة، أو الكتب المسموعة ونحوها. قال ومضى* لو رأى ابن الجوزي حال المشاهير والمتابعين لمزّق كتابه عن الحمقى والمغفلين.