تسلل في دخوله متعلقًا ببعض الأجساد، هجم بخفاء وصمت، وبدأ ينتزع صحة الجماعات واحدًا تلو الآخر، بأعراض صامتة، تأخذ وقتًا طويلًا في الجسد تتصارع مع مناعته حتى تتغلب عليها، فيعلن الجسد استسلامه للألم.. هكذا يهجم الكورونا على الأجساد وكأنه شبح لا يظهر حتى يتشبث بالمناعة وينتصر على الجسد، ليتفاجأ العالم بعدد صادم من المصابين دون سابق إنذار. لم تعد معركة الكورونا مجهولة لدى العالم؛ إذ كشفت وزارات الصحة عن هذا السيناريو الذي بدأ متفشيًا في جميع أنحاء الأرض، وأصبح كالمسرحية المملة التي لا تحتاج من أحد أن يترقب فتح ستارها، بل إن تكرارها حول العالم جعل من وجودها مصيبة عظيمة تنتهك الإنسانية، ولم يعد هناك بدٌ من الهروب عن ساحة المعركة والمواجهة لجعل تلك الأزمة تمر بفضاء لا تقابل فيه أجسادًا تتعلق بها، حتى يصارع نفسه ويتلاشى. إذا عرف الدواء سيسهل القضاء على المرض، وسيكون التصدي له أمرًا سهلًا للغاية، فنحن نتناول أدوية مرّة لا نتقبل طعمها ولا نستسيغه لنريح أجسادنا من قبضة المرض، لكن أن يأتينا دواء قبل الداء بنكهة الاسترخاء والركون إلى الراحة، فهذا من فضل الله عليها أن ألهمنا هذا الدواء؛ وأقصد بذلك الحل الشافي الذي اعتمدته الدول في تجنب مرض الكورونا؛ إذ أعطت الحكومات الإجازة لطلابها وموظفيها، وفرضت على المجتمع البقاء في البيت تجنبًا الإصابة بهذا الوباء، فأن تكافأ بالراحة مقابل صحتك أمر ليس بالسهل على الحكومات، وجهات الأعمال التي ستعيش فترة انقطاع عن الحياة وتوقف ساعاتها عن الإنتاج والعمل حتى يتلاشى هذا الوباء وينجلي، وهو ليس بالهين على حركتها واقتصادها، فكم من الخسائر التي ستنالها الدول جراء هذا التوقف، ناهيك عن الخسائر التي تدفعها سعيًا للقضاء على الوباء وعلاج المصابين منه، وإيجاد الدواء. لكن الصدمة التي تواجهها الحكومات جرّاء هذا القرار هو التحدي والاستهتار، وعدم الالتفات لتلك النصائح والتوجيهات في الاختباء عن المرض خلف جدران المنازل، متنازلون - أولئك المستهترون - عن الراحة والهدوء، استغناءً عن الإجازة التي أهديت إليهم - دون إنقاص من رصيد إجازاتهم.! في مقابل تكثيف جهود جهات عمل آخرى تضاعَف جهدها ومهامها كالقطاعات الطبية والعسكرية، من أجل سلامتك وراحتك؟! إننا أمام حرب فيروسية كبيرة، فالشعب كله في ساحة المعركة، يسير بتوجيهات من حكومتنا الرشيدة، بما تصدره من سُبل للوقاية وتجنب المرض وهو السلاح الذي نتحصن به - بعد حفظ الله ودعائه -، ولا بد لنا من التقيد في تنفيذ التوجيهات حفظًا لأنفسنا وأهلنا، ويكفينا شرفًا وفخرًا أننا تحت ظل دولة يؤكد قائدها الملك سلمان - حفظه الله - حرصه الشديد على توفير ما يلزم المواطن والمقيم من دواء وغذاء واحتياجات معيشة، وتوفير كل أسباب العيش الكريم، فيجب علينا أن تكون على قدر الثقة التي يترقبها منا بعلو الإحساس بالمسؤولية الاجتماعية في مواجهة هذا الوباء.