وصولك إلى محطة القطار دون أن تكون قد حددت وجهتك لا يعني شيئًا! كيف تختار القطار المناسب لوجهتك وأنت لا تعرفها؟ قد تركب القطار الأجمل أو القطار الأقصر أو القطار الأكثر راحة، لكنها جميعًا ستضيع وقتك وجهدك سدى، وستكتشف حينما تصل المحطة النهائية أنها ليست مبتغاك. يضيع العمر ونحن نتخبط في الوصول إلى ما نريد، لا نعرف ما نرغب؛ لأننا لا نعرف أنفسنا! نعتقد أننا نسخة كربونية من الآخرين، فنسعى أن نقلدهم في حياتهم، بينما دواخلنا ورغباتنا وإمكاناتنا تختلف، لا نبذل الجهد لمعرفة من نحن وكيف نتميز عمن حولنا؟ نعيش يومنا ونخطط لمستقبلنا كما لو كنا نسخة مكررة من آلاف النسخ حولنا، ثم نتفأجا بأننا غير راضين وغير سعيدين بحياتنا! لا أزال أتذكر مشرفي إبان مرحلة دراسة دبلوم إدارة الأعمال قبل عشرين عامًا، كان يكرر كثيرًا أهم رسالة يجب أن أخرج بها من الدبلوم: قبل بدء مشروعك لا بد أن تعرف: "أنت مين"، و"أنت عاوز إيه"! حتى تستطيع تحقيق النجاح في مشروعك، فما بالك إذن بتحقيق النجاح في الحياة! لست أطالب أن تقوم بعمل منهجي محترف لتحديد وكتابة رؤيتك ورسالتك وأهدافك في الحياة! ولكن على الأقل أن تكون مدركًا لأهدافك الأساسية، حينها - على الأقل - ستكون قادرًا على تجنب المشتتات والتركيز على الوصول إلى هدفك الذي يرضيك، لا أن تكون متأرجحًا وضائعًا فيما تراه رائجًا بين الناس، أو مريحًا في الوقت الحاضر. لا بد من وقفة صادقة، تحاور نفسك بصراحة، ولتبدأ بتحديد أهدافك الرئيسة، سواء على مستوى حياتك المهنية أو الشخصية، ثم انتقل إلى التحليل الرابعي لواقعك الحالي SOWT: ما نقاط ضعفك ونقاط قوتك؟ ما التهديدات التي تواجهك والفرص التي تبدو أمامك؟ حتمًا بعد تسجيلها ثم مراجعتها واختصارها ستخرج بكنزٍ من الرؤية شبه الواضحة، ستبدأ تعرف ما تريد وما لا تريد، سيكون لديك مقياس واضح لقبول أو رفض الأعمال، سيكون لديك دليل يساعدك على التعامل مع المحيط، ولتكون أنت صاحب القرار، بدلًا من أن يكون واقعك مجرد ردات فعل لما حوله. تؤكد الدراسات أن من يكتب ما يريد – فقط من يكتب! - غالبًا ما يحققه أو يتقرب من تحقيقه، وغالبًا ما يحقق هؤلاء نتائج أفضل ممن يحتفظ بأهدافه داخل دماغه، ولا يُعمل عقله في تحليل واقعه وتخطيط مستقبله بما يتوافق مع أهدافه، بالتأكيد لن تصل إلى هدفك ما لم تكن قد حددته. صدقني يستحق الأمر أن تخصص بضع ساعات لتدوين ما تأمل في حياتك، حتى تستطيع الإجابة عن أهم سؤال في حياتك: ماذا تريد؟ ستختصر كثيرًا وتصل بسرعة لما تريد..