يعتبر المجتمع هو القوة الفاعلة والمؤثرة في تحقيق الأمن والرقي والتطور في حياة الأمم، ومن هذا المنطلق تبرز أهمية الحديث عن وجود مسؤولية للمجتمع ومؤسساته تجاه الوطن الذي هو نحن، بمعنى أن المجتمع بكل شرائحه ومؤسساته الإعلامية والاقتصادية والتعليمية وغيرها مسؤول تجاه أمن هذا الوطن في عقيدته وأمنه وسلامته واستقراره اقتصادياً وأمنياً واجتماعياً، فرجل الأمن مثلاً مسؤول عن حماية مجتمعه الذي ينتمي إليه، والموظف مسؤول عن تنظيم وتسهيل أمور مجتمعه الذي يعيش فيه، وهكذا تتأكد المسؤولية الاجتماعية لتقديم المزيد من الجهد والدعم والمساعدة حتى يصبح العطاء من أجل التنمية جزءاً من ثقافتنا ومن أنشطة مؤسساتنا وفق برامج عمل منظمة لتقديم الدعم للمجتمع، فالوطن لا يبني نفسه دون جهود أبنائه المخلصين. يمكننا القول إن تنظيم وتقنين المسؤولية الاجتماعية يبدأ من خلال إبراز الواجب الديني والأخلاقي والوطني في وسائل الإعلام والتعليم وكذلك بوضع الأطر القانونية المحفزة لجعل العطاء من أجل التنمية كأحد الحوافز التشجيعية لرجال الأعمال والشركات في أنشطتهم التجارية، وحتى لا نصدم بحقيقة قاسية أن الكثير من فئات المجتمع لم تجن من بعض المؤسسات الاقتصادية ما تستحقه من الدعم والعطاء، وتعرف المسؤولية الاجتماعية للرجال الأعمال والمؤسسات المالية بأنها التزام بالمساهمة في التنمية وتحسين المستوى المعيشي لبعض فئات المجتمع مثل دعم مشروعات الإسكان أو دعم الأنشطة التعليمية والخدمات الصحية التي تستحق منا كل التقدير والثناء وصادق الدعاء على ما يقومون به من جهود في حماية وسلامة المواطنين والمقيمين على أرض هذا الوطن المبارك فجزاهم الله خير الجزاء في الدنيا والآخرة. وأعتقد أنه إذا كان من الطبيعي أن تشترك جميع شعوب الأرض في مسؤولياتها الاجتماعية نحو حماية أوطانها وأمنها ومكتسباتها والمحافظة على قيمها وثقافتها ومقومات الحياة فيها لأجيالها القادمة، فإن مسؤولياتنا الاجتماعية تحتم علينا بذل المزيد من الجهد لمواصلة رسالة الآباء في بناء الوطن وتسليمه للأجيال القادمة بكل أمانة، والمسؤولية الاجتماعية تعتمد غالباً على المبادرة الحسنة دون أن يكون هنالك إجراءات قانونية ملزمة، وفي هذا الصدد تعمل بعض الدول على تشجيع الشركات ورجال الأعمال والجهات التي تدعم الأعمال الخيرية والتنموية من خلال إعفائها من بعض المتطلبات الضريبية مثلاً، ويبدو أن أبرز المعوقات هو عدم وجود ما يعرف بثقافة المسؤولية الاجتماعية أو أنها تفتقر للتنظيم فتصبح غير مؤثرة لاقتصارها على الأعمال الخيرية المحدودة دون أن تهتم بقضية التنمية المستدامة!. ونخلص إلى أنه إذا كانت أجيال الغد مسؤولية رجال اليوم فإن أعظم مسؤوليتنا إطلاقاً هي المحافظة على بقاء ونقاء وسلامة هذا المجتمع في عقيدته وأخلاقه وقيمه وصحته، ولا تزال هذه البلاد بعزة وأمن ورخاء بفضل الحق تبارك وتعالى الذي تفضل عليها واختصها بحماية العقيدة وتطبيق الشريعة وحراسة الفضيلة وهذه المسؤولية ليست مقصورة على الدولة ومؤسساتها بل هي مسؤولية الجميع أيضاً فالأب مثلاً مسؤول عن أخلاق وتصرفات أبنائه في البيت وخارجه، وما ابتعد أي مجتمع عن الشريعة كمنهج للحياة إلا وتبدلت أحواله لقوله تعالى (وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حساباً شديداً وعذبناها عذاباً نكراً)، اللهم اجعل المسلمين وبلادهم في ضمانتك، واحفظ لهذا الوطن أمنه وإيمانه وقيادته يا رب العالمين.