اقترحت وزارة الشؤون الاجتماعية تأسيس صندوق موحد ل"المسؤولية الاجتماعية"يعمل بالتعاون بين القطاع الحكومي والخيري، ودعت إلى إيجاد خطة سنوية منظمة واضحة الأهداف والمعالم لمساعدة الفئات الفقيرة في المجتمع ومحاولة تنميتها بشكل فعال. وأكدت في ورقة عمل قدمتها أمس في فندق الفيصلية في الرياض ضمن ملتقى الشراكة والمسؤولية الاجتماعية بين القطاعين العام والخاص الذي يحمل شعار:"مجتمعنا مسؤوليتنا"، أهمية سن تشريعات تكفل تطبيق الشركات برامج المسؤولية الاجتماعية في قنواتها السليمة وضمان عدم استغلالها لتحسين صورة بعض الشركات التجارية من دون تحقيق المعايير الأساسية لمفهوم المسؤولية الاجتماعية، كما حثت القطاع الحكومي على توفير محفزات نظامية للشركات والمؤسسات من طريق تشجيع إقامة شراكات اجتماعية، ومنح إعفاءات من الرسوم للجهات التي تطبق برامج المسؤولية الاجتماعية، كما دعت الورقة إلى الاهتمام بالمسؤولية الاجتماعية في البرامج التعليمية وأن تكون جزءاً من المناهج الدراسية وبرامجه ونشاطاته داخل المدرسة وخارجها، وإنشاء مراكز للمسؤولية الاجتماعية تتوافر فيها كل الوسائل والأدوات التي تساعد على توعية المجتمع بالمسؤولية الاجتماعية وكيفية تنميتها. وذكرت أن من أهم المسؤوليات الاجتماعية حالياً في ظل سياسة الإصلاح الاقتصادي التي تعيشها السعودية، تفاعل القطاع الخاص بايجابية مع القرارات التي يصدرها القطاع الحكومي لرفع مستوى الرعاية الاجتماعية، والإسهام الايجابي في برامج الخصخصة لبعض القطاعات الحكومية، ومن أمثلة ذلك المشاركة في التوظيف وتشغيل وتدريب الشباب السعودي. وحصرت الورقة الأسباب التي تؤدي إلى قصور القطاع الخاص في موضوع المسؤولية الاجتماعية في عدم وجود هذه الثقافة لدى معظم الشركات، إذ تنحصر المسؤولية عندها في أعمال خيرية غير تنموية مرتبطة بإطعام فقراء أو توفير ملابس أو خدمات لهم من دون التطرق إلى مشاريع تنموية تغير المستوى المعيشي للفقراء بشكل جذري ودائم. وذكرت وزارة الشؤون الاجتماعية أن"مستوى المسؤولية الاجتماعية لرجال الأعمال لم يصل بعد إلى ما وصلت إليه في الدول الكبرى"، واقترحت العمل على إيجاد مشاريع تنموية تؤثر في حياة الفقراء وتقدم خدمات تنقلهم من مستوى خط لفقر وتقلل أثر الفساد فيهم، وتنظيم وإدارة الأعمال وفق مبادئ وقواعد أخلاقية، وحماية البيئة وتطويرها، وحماية الموارد الأساسية كالمياه، والتزام حقوق الإنسان والعمل والعمال، ومساعدتهم في تحقيق مكاسب اقتصادية واجتماعية مثل الادخار والتأمين والرعاية لهم ولعائلاتهم، ومشاركتهم في الأرباح، ومكافحة الفساد وتجنبه والاقتداء برؤية خادم الحرمين الشريفين في الإصلاح والعمل للمستقبل. من جهته، دعا نائب رئيس مجلس الشورى الدكتور بندر حجار القطاع العام إلى تسهيل مهمة مؤسسات القطاع الخاص حتى تكون مساهماتها أكثر ملامسة للأولويات، وأقرب لحاجات الناس، وتلمساً لسد أوجه النقص الموجودة في المجتمع. وأضاف خلال فعاليات الملتقى"إذا كان مطلوباً من القطاع الخاص أن يبادر للمشاركة في تبنّي بعض الأفكار النافعة للمجتمع، فإن مسؤولية الأجهزة الحكومية المعنية أن تحدد لهذا القطاع ما تريد، وما ترجو، لتحقيق الغاية من برامج المسؤولية الاجتماعية التي يتم تبنيها". وطالب بوضع رؤية وطنية للمسؤولية الاجتماعية تحقق التنمية الاجتماعية، وتتضافر فيها جهود القطاع العام والخاص، والتنسيق والمشاركة فيما بينهما، مقترحاً أن تضع الدولة خطة وآليات وبرامج مدروسة لاستقطاب استثمارات القطاع الخاص لتلبية حاجات المسؤولية الاجتماعية، وإعادة النظر في بعض الأنظمة والقوانين المعمول بها من أجل تحفيز الشركات على العمل في هذا الاتجاه. واعتبر أن المسؤولية الاجتماعية لقطاع الأعمال لا تعني مجرد المشاركة في الأعمال الخيرية وعمل الحملات التطوعية، وإنما تتسع لتشمل تقديم خدمات إنسانية وفرص عمل لأفراد المجتمع، ولعب دور تنموي اجتماعي أساسي، حتى يصبح العطاء من أجل التنمية جزءاً لا يتجزأ من أنشطة شركات هذا القطاع. وشدد على أنه كي تصبح المسؤولية الاجتماعية مؤثرة فهي في حاجة إلى أن تأخذ شكلاً تنظيمياً ومؤسسياً له خطة وأهداف محددة بدلاً من أن تكون جهوداً خيرية عشوائية مبعثرة. وأكد الدكتور حجار أهمية السعي لإيجاد جيل جديد يعي معنى المسؤولية الاجتماعية بجميع أبعاده، وكذلك حث الشركات على إنشاء أو إعداد برامج خاصة للتطبيق في المسؤولية الاجتماعية، إضافة إلى إيجاد آلية تتولى صياغة بعض البرامج والمشاريع الرائدة في مجال المسؤولية الاجتماعية للشركات وإرساء أسس شراكة بين مؤسسات القطاع الخاص والقطاع العام لتنفيذها، على أن تتفادى هذه الآلية الازدواجية وتزيد من فعالية البرامج والمشاريع. بدوره، تحدث عضو مجلس الشورى الدكتور عبدالله دحلان عن عدم وجود استراتيجية رسمية لبرامج المسؤولية الاجتماعية، مشيراً إلى أن البعض يعتقدون أن هذه البرامج تدرج ضمن الصدقات أو مستحقات الزكاة أو جزءاً من الضرائب المترتبة على المؤسسة. وشدد على أن المسؤولية الاجتماعية وسيلة لتحقيق البعد الاجتماعي الحقيقي في العمل بعيداً عن العواطف وكل ما قد يؤثر سلبياً في تحقيق هذا البعد. ودعا القطاع"الأهلي"، الذي يضم مؤسسات القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني إلى الانخراط في برامج المسؤولية الاجتماعية. ولفت إلى أن المسؤولية الاجتماعية ليست استجداء وإنما هي واجب أداؤها، داعياً إلى وضع نظام للمسؤولية الاجتماعية، وجعلها أساساً في نظم تأسيس الشركات، واشتراط وجود برامج فاعلة للمسؤولية الاجتماعية عند منح القروض المالية والإعفاءات الجمركية وغيرها من المنافع والخدمات التي يقدمها القطاع العام لنظيره الخاص. وأعرب عن أمله في إنشاء هيئة وطنية تُعنَى بتطبيق المسؤولية الاجتماعية يوضع فيها كل الأموال المخصصة لبرامج المسؤولية الاجتماعية ثم يتم الصرف على المشاريع منها. اتفاق رباعي لدعم محدودي الدخل وقّع الصندوق الخيري الوطني، ووكالة وزارة الشؤون الاجتماعية للرعاية والتنمية الاجتماعية، ووكالة الضمان الاجتماعي، والمؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام، اتفاقاً للتعاون على هامش ملتقى الشراكة والمسؤولية الاجتماعية بين القطاعين العام والخاص أمس، يقدم بموجبه الصندوق الخيري الوطني خدماته، من خلال برامجه الخمسة التي تشمل المشاريع الصغيرة والأسر المنتجة، والمنح التعليمية والتدريبية والتنسيق الوظيفي، والتوعية والتوجيه للمستفيدين من الجهات الثلاث. ويتضمن الاتفاق تبادل الخبرات بين الأطراف الموقعة، إضافة إلى درس حالات المستفيدين وأوضاعهم وإمكاناتهم، والقيام بمشاريع مشتركة لمصلحة المستفيدين. وأكّد وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور يوسف العثيمين، أن المسؤولية الاجتماعية تعيش، مرحلة انتقالية من المفهوم البسيط إلى المفهوم المحدد. وشدد على أن المسؤولية الاجتماعية ليست بالاحتفالات، أو جباية الزكوات والتبرعات، بل هي مسؤولية أصيلة يجب أن تكون أحد الأهداف، التي تحاسب عليها الشركات. توصيات بإلزام القطاع الخاص بنظام ل"المسؤولية" أوصى ملتقى الشراكة والمسؤولية الاجتماعية بين القطاع العام والقطاع الخاص في ختام أعماله أمس، بتعزيز مبدأ المسؤولية الاجتماعية في المجتمع السعودي، ووضع استراتيجية وطنية للمسؤولية الاجتماعية تتولى وزارة الشؤون الاجتماعية إعدادها بمشاركة القطاعين الحكومي والأهلي، ونشر ثقافة المسؤولية الاجتماعية بين أفراد المجتمع عبر مختلف الأجهزة الحكومية والأهلية والخاصة ذات العلاقة. كما دعا وسائل الإعلام المختلفة إلى الاهتمام بإبراز برامج المسؤولية الاجتماعية المنفّذة في جميع المناطق، وإلى أن يتضمن النظام الأساسي لجميع المنشآت العاملة في القطاع الخاص فقرة أو مادة تنص على أن تتبنى المنشأة برامج في إطار المسؤولية الاجتماعية. وأوصى بأن تتولى وزارة الشؤون الاجتماعية التنسيق بين مجالس المسؤولية الاجتماعية المشكّلة في إطار الغرف التجارية الصناعية وبين الجهات الحكومية والأهلية ذات العلاقة، وتوسيع عضوية مجالس المسؤولية الاجتماعية القائمة في المناطق لتشمل ممثلين من القطاعات الحكومية والأهلية ذات العلاقة، وتعميم مجالس المسؤولية الاجتماعية في جميع المناطق. ودعا وزارة التعليم العالي إلى أن تتولى حث الجامعات ومراكز البحوث والدراسات لإعداد برامج لتأهيل ممارسين مهنيين في مجالات المسؤولية الاجتماعية ونشرها، وتخصيص جائزة دورية تمنح للجهات المميزة في مجالات المسؤولية الاجتماعية تتولى الإشراف عليها وزارة الشؤون الاجتماعية، ودعوة الهيئة العامة للاستثمار إلى تبني فكرة حث الشركات والمؤسسات الأجنبية العاملة في السعودية على تنفيذ برامج المسؤولية الاجتماعية في المجتمع، ودعوة مجلس وزراء الشؤون والتنمية الاجتماعية في دول مجلس التعاون حول الإطار المنظّم لمفهوم المسؤولية الاجتماعية ومبادئه وأركانه الأساسية، للإفادة من اللجان والفرق الوطنية المشكّلة من أجل تحقيق المواصفات الدولية للمسؤولية الاجتماعية.