لم تعد مهمة الشركات والهيئات الناجحة تقتصر على خلق فرص عمل للعاملين فيها؛ لقد أصبحت الشركات الناجحة من خلال ثقافتها التنظيمية المحفزة، وقيمها المؤسسية الجاذبة تأخذ على عاتقها مهمة خلق السعادة للمنتسبين لها، وبناء بيئة إيجابية قادرة على توظيف الطاقات البشرية، والتعامل معها من منطلق مفهوم رأس المال البشري «Human Capital». فلا عجب إذن من ظهور مسميات وظيفية جديدة مثل أخصائي سعادة، ووزيرة السعادة، وهيئة السعادة.. والسعادة في مكان العمل هي أبعد ما يكون عن أن تكون ثابتة، أو يتم تحقيقها على مستوى حدث إعلامي، أو خبر مفرح، أو نشاط مثير، إنما هي حالة متجددة، وغير جامدة. لذلك الانتباه إلى الأحداث اليومية في العمل هي واحدة من أكثر الاستراتيجيات فاعلية لتنظيم ما يفكر فيه الموظفون، وكيف يشعرون تجاه العمل. وتعتبر أحد أساليب خلق السعادة لدى الموظفين هو إشراكهم في الأعمال والقرارات المتعلقة بالشركة. ولقد عرّف الباحثون المشاركة الوظيفية بأنها «متعددة الأبعاد، وتعكس الاستثمار الفوري لطاقة الفرد الجسدية، والمعرفية، والعاطفية في كل ما يخدم العمل. وبمعني آخر، إن بيئة العمل التي تستطيع أن تثير عقل الموظف، وجسده، وقلبه هي تلك البيئة المثلى لتحقيق السعادة، وعلى المنظمة التي تبحث عن خلق بيئة تنافسية، أن تمكن العاملين فيها وتشركهم، على مستوى واسع النطاق، في صناعة القرارات الاستراتيجية، وتحسين العمليات اليومية لأن المؤسسات في أوقات التغيير تحتاج إلى قلوب وعقول الجميع.