لم يكن مفاجئاً عدم التزام ميليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، بقرار وقف إطلاق النار والهدنة الإنسانية التي أعلنها التحالف العربي، إذ سارعت بعد ساعات فقط من إعلانها حيز التنفيذ من خرق الهدنة. وكما سابقتها من الهُدن الإنسانية، تترنح الهدنة الإنسانية السارية والتي دخلت الخميس الماضي حيز التنفيذ، تحت وقِع خروقات الميليشيا التي تعاملت مع قرار وقف إطلاق النار كفرصة للتصعيد العسكري، حيث ضاعفت أنشطتها العسكرية في مختلف الجبهات والمناطق، رغم التزام قوات الجيش الوطني والتحالف بوقف إطلاق النار الشامل. وبمجرد أن أعلن التحالف العربي مبادرته الإنسانية بوقف شامل للعمليات العسكرية، قامت ميليشيات الحوثي بإطلاق صواريخ باليستية إلى قلب مدينة مأرب، في عمل إجرامي وصفه السفير اليمني في المملكة المتحدة، ياسين سعيد نعمان ب"غير مسؤول، ولا ينم عن اعتبار أو تقدير لما يرتبه هذا السلوك من مخاطر على اليمنيين في قادم الأيام". وقال الناطق الرسمي للقوات المسلحة اليمنية العميد الركن عبده مجلي، إن ميليشيات الحوثي ارتكبت خلال اليوم الأول من الهدنة الإنسانية، أكثر من 74 خرقاً واعتداء على مواقع الجيش الوطني في مختلف الجبهات. وفي تصريح للناطق باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد مجلي لموقع "سبتمبر نت" الناطق الرسمي للجيش اليمني، أفاد أن خروقات واعتداءات ميليشيات الحوثي في محافظتي صنعاء والبيضاء بلغت أكثر من 20 خرقاً خلال الساعات الأولى من بدء سريان وقف إطلاق النار، مشيراً إلى أن الميليشيا شنت هجمات مدفعية وميدانية في قطاع "صلب ونجد العتق في مديرية نهم بمحافظة صنعاء"، كما شنت عدداً من الهجمات الصاروخية والمدفعية على مواقع الجيش الوطني بمنطقة قانية ونفذت عمليات قصف على القرى والمنازل المدنية بالدبابات والهاونات في منطقة "قيفة" بمحافظة البيضاء. وفي محافظتي الجوف وصعدة، أرتكبت ميليشيات الحوثي أكثر من 20 خرقا، شملت قصف مدفعي، وإطلاق قذائف هاون والضرب بمختلف العيارات والأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة في شمال "الاقشع، والجدافر، والسليلة، واللبنات، وشنت هجوماً واسعاً على معسكر الخنجر، بمحافظة الجوف، إضافة إلى شن هجمات مدفعية وصاروخية واستقدام تعزيزات عسكرية في منطقة البقع التابعة لمحافظة صعدة. وفي محافظات أبين والضالع وحجة، ارتكبت الميليشيا أكثر من 30 خرقاً خلال الساعات الأولى من دخول الهدنة حيّز التنفيذ، وتنوعت الخروقات ما بين شن هجمات ميدانية، وقصف مدفعي وصاروخي على مواقع الجيش والأحياء السكنية، وزراعة الألغام، واستقدام تعزيزات عسكرية، فضلاً عن قصف عدد من القرى في مديرية مريس بمحافظة الضالع. اليوم الأول للهدنة السارية، لم يكن هادئاً كذلك على سكان مدينة تعز المحاصرة، حيث عززت الميليشيا حصارها على المدينة، وشنت هجوماً واسعاً على مواقع الجيش الوطني اليمني في سلسلة جبال هان، فيما قالت مصادر محلية، إنها رفعت من وتيرة قصفها المدفعي على الأحياء السكنية الغربية من المدينة. وتقول المواطنة اليمنية، خديجة، التي تسكن مدينة تعز، في حديثها ل"الرياض": "الأحياء السكنية بالمدينة تتعرض للقصف المدفعي والصاروخي بشكل مستمر رغم دخول الهدنة حيز التنفيذ". مشيرة إلى أن الميليشيا لم تترك فرصة لسكان مدينة تعز، بالتزود بالمواد الغذائية والطبية من أجل تطبيق الحجر المنزلي. وعلى الطريقة الإيرانية، يقول محللون يمنيون إن ميليشيات الحوثي، اعتادت تحويل الهُدن الإنسانية من أدوات وخطوات للسلام، إلى أدوات حرب تستخدمها كجزء من استراتيجية عسكرية تتبعها لتهدئة بعض الجبهات التي تتعرض فيها للهزائم والضغط بهدف إعادة ترتيب قواتها واستقدام مقاتليها من بعض المناطق الهادئة. وهكذا أظهرت الميليشيا، مراراً وتكراراً أنها تعتبر الاتفاقيات ومبادرات وقف إطلاق النار، مجرد تكتيكات قتالية وحربية لإخضاع المدنيين وجزء لا يتجزأ من استراتيجيتها العسكرية، وليس خطوة نحو السلام.