ليس بالشيء الجديد إذا قلنا إن القطاع العام في المملكة بعد رؤية (2030) يدار بمفاهيم وأساليب قيادية جديدة تستند على أفضل الممارسات العالمية وبمنهجيات تضع البيانات وتحليلها إلى معلومات «أساسا» وخطوة أولى لاتخاذ القرار. ولكن الجديد أن المراقب للأداء التكاملي لأجهزة المملكة في أزمة كورونا في ظل عدم وجود ممارسات عالمية مثلى تحتذى يدرك جيدا أن قطاعنا الحكومي قد دخل مرحلة جديدة وهي مرحلة التمييز، ليشار إليه بالبنان من حكومات دول متقدمة وجدت نفسها وأجهزتها الحكومية عاجزة عن إخفاء قصورها في مواجهة الحدث الصحي العالمي الأبرز وما ترتبت عليه من آثار اقتصادية وتعليمية واجتماعية بالغة. إن تكامل الجهود والتنسيق القوي بين كافة أجهزة القطاع العام ساهم في اتخاذ قرارات مهمة وتنفيذها في كافة الأصعدة للتخفيف من آثار هذه الجائحة. اقتصادياً وعلى سبيل المثال لا الحصر تم استثناء العاملين السعوديين في منشآت القطاع الخاص المتأثرة من تداعيات انتشار الفايروس من عدد من مواد نظام التأمين ضد التعطل عن العمل، بحيث يحق لصاحب العمل بدلاً من إنهاء عقد العامل السعودي أن يتقدم للتأمينات الاجتماعية بطلب صرف تعويض شهري للعاملين لديه بنسبة 60 % من الأجر المسجل في التأمينات الاجتماعية لمدة ثلاثة أشهر، بحد أقصى تسعة آلاف ريال شهرياً، وبقيمة إجمالية تصل إلى تسعة مليارات ريال. وتعليمياً تم تنفيذ عدة إجراءات وذلك بتعليق الدراسة وإبعاد الطلاب عن التجمعات المختلفة والمحافظة على سلامة الجميع في مختلف المراحل التعليمية وتم تفعيل منظومة «التعليم عن بُعد» على مستوى التعليم الأساسي وعبر المنصات الافتراضية الدراسية وعدم إيقاف مسيرة التعليم وهو ما حقق نتائج مهمة على صعيد إكمال المناهج للطلاب وتفعيل المنصات الافتراضية. وأمنياً برعت الأجهزة الأمنية في تنفيذ قرارات حظر التجول والتي تحمل أهمية بالغة في إطار الجهود التي تبذلها الدولة للحفاظ على الصحة العامة ومنع انتشار فايروس كورونا، مع السماح للسكان بالخروج لقضاء احتياجاتهم الضرورية فقط داخل الحي السكني الذي يقيمون فيه. وتجارياً وعلى مستوى الأمن الغذائي اتخذت وزارة التجارة والهيئة العامة للمنافسة عددا من الإجراءات المرتبطة بأزمة كورونا للتأكد من عدم وجود ممارسات احتكارية تهدف لافتعال نقص وفرة السلع في القطاع الصحي خصوصاً المعقمات والأقنعة الطبية، إلى جانب محاسبة المخالفين من بعض الموردين والمنشآت الذين حاولوا رفع الأسعار واستغلال الأزمة في تخزين كميات كبيرة بهدف تصريفها لاحقاً بأسعار مرتفعة. ومن أهم المنجزات في هذه الأزمة هو العمل الاتصالي المستمر لإطلاع المواطن والمقيم على كافة المستجدات والشفافية في التهديدات المحتملة لانتشار فايروس كورونا ومشاركة جمهور الرسالة الاتصالية حجم قدرات النظام الصحي والطاقة الاستيعابية للمستشفيات والسيناريوهات المتوقعة لمستقبل الأزمة. إن ما تم ذكره على سبيل المثال لا الحصر هي منجزات تؤكد أننا أمام قطاع عام محترف استفاد من السنوات الخمس الماضية التي تم فيها التخطيط لرؤية 2030 وهيكلة أجهزة القطاع العام والتدريب وإدخال مفاهيم وأساليب إدارية جديدة. نعلم جيدا أننا في بداية الأزمة والجميع مطالب بالكثير من الجهد والعطاء والتضحيات ولكن العامل المعنوي له بالغ الأثر في استمرار هذه الجهود والتضحيات. ختاما «شكرا» للقيادة الحكيمة ممثلة في مقام خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده وكل الشكر والدعاء لرجالات وطننا الغالي في كافة أجهزتنا الحكومية وخاصة أبطال الخطوط الأمامية في القطاع الصحي.