تعلمنا الكثير من وباء كورونا؛ ومن أهم الدروس حاجة الإنسان إلى التواصل الإنساني أكثر من حاجته إلى وسائل التواصل التقنية. العلاقات الإنسانية لا تعوضها هذه الوسائل مهما بلغ تطورها. وباء كورونا شكل خطراً حقيقياً أدى إلى الحجر الصحي والابتعاد عن الاجتماعات والبقاء في البيت مع العائلة بعيداً عن الأقارب والأصدقاء والزملاء. كل هذه الاحترازات ضرورية جداً ولمصلحة الجميع. تجاوب الناس مع كل القرارات والتعليمات والإجراءات التي تتخذها الدول لإدراكهم أنها في النهاية وسيلة للحد من انتشار الوباء حتى القضاء عليه. في ظل هذه الظروف الصعبة لم أتفاجأ بسماع من يخضع للحجر الصحي وهو يزهد بكل وسائل التواصل الاجتماعي ويتمنى اللقاء بأحبابه ليسلم عليهم ويقبلهم ويحتضنهم. يتمنى هذه الأمنية رغم أن وجود هذه الوسائل في هذه الظروف الخطيرة ساهم في التواصل والدعم الإنساني وتتبع الأخبار والتعليمات بسرعة. إنه أحد الدروس والعبر التي يتذكرها الإنسان في الظروف الصعبة. كورونا وضع الإنسان أمام وضع غاية في الصعوبة، يجد نفسه معزولاً ويمنع من الاقتراب من الناس ناهيك عن الاختلاط بهم، ثم يزهد بوسائل التواصل ويتمنى عودة التعامل الإنساني المباشر، ثم يتذكر أن من نعم الله الكثيرة وجود وسائل التواصل الحديثة التي تبقيه جزءاً من العالم وتخفف من ألم العزلة رغم أنها لا يمكن أن تكون كافية لإشباع احتياج الإنسان إلى الإنسان. وحين تنتهي الأزمة -بمشيئة الله- يعود الإنسان إلى علاقاته الإنسانية بشكل مختلف وشكل أفضل. تجربة البقاء في البيت عززت العلاقة الأسرية، وروح المسؤولية والتعاون لمصلحة الجميع. ستكون العلاقات الإنسانية أقوى داخل الأسرة وفي المجتمع، سيسود الحب، والرغبة في السلام. الإنسان البعيد عن العلاقات الاجتماعية، أدرك أهمية هذه العلاقات وتمنى زوال كورونا كي يبدأ صفحة جديدة من التواصل الإنساني مع الآخرين. أدرك الإنسان قيمة الوطن والعائلة والصداقة والصحة، استيقظ على نبذ الأنانية والعنصرية والكراهية. سيعيش العالم بروح التسامح، سيدرك البشر أن الآلة لا تحل محل الإنسان. إن لم يفعل الإنسان فهو لم يتعلم وسيكون هو المشكلة وليس الحل.