يمثل اليوم الأربعاء الأول من أبريل 2020 حدثاً تاريخياً مرتقباً ببدء كبار منتجي النفط في العالم من أوبك وخارجها ضخ أكبر الطاقات الإنتاجية في السوق العالمية بعد فض اتفاقية التعاون المشتركة لخفض الإنتاج بين أوبك وحلفائها والتي انتهى العمل بموجبها أمس الثلاثاء نهاية مارس. وبالرغم من توقع ارتفاع الطاقة الإنتاجية العالمية للنفط الخام بحوالي 101 مليون برميل في اليوم على الورق، إلا أنه قد يكون هناك هبوط قوي جدًا خلال الأشهر القليلة القادمة التي يمكن أن يأتي بأقل من 100 مليون برميل يوميًا. وقالت ل»الرياض» المحللة النفطية في نشرة «إنيرجي إنتليجينس» أمينة بكر، من المتوقع أن يبلغ الطلب على النفط في الربع الثاني طاقة 93 مليون برميل في اليوم، فيما يتوقع ان يبلغ إجمالي الطلب لعام 2020 طاقة 97,4 مليون برميل في اليوم. وقالت بأنها ترى احتمالية فقد سبعة ملايين برميل يومياً من الإمداد ومعظمه من أوبك بحلول مايو القادم. من جهته حذر المحلل النفطي في النشرة ذاتها جون فان شايك من أن الفيروس التاجي يعيق الطلب على النفط بطريقة لم يسبق لها مثيل على الإطلاق. يبدو أن استهلاك النفط سينخفض بمقدار سبعة ملايين برميل يوميًا أو أكثر في كل من مارس وأبريل من مستويات العام السابق، حيث يتم كبح الحياة الاقتصادية والاجتماعية في جميع أنحاء العالم. وقد يظل الطلب أقل بكثير لفترة أطول مما كان يتصور الكثيرون قبل بضعة أسابيع فقط. وبالفعل، فقد الآلاف من الأشخاص وظائفهم وشركات الخدمات والمصانع تغلق أبوابها، بعضها إلى الأبد. والركود العالمي أمر لا مفر منه، حتى مع قيام الحكومات والبنوك المركزية برمي تريليونات الدولارات على الاقتصاد في محاولة لتجنب الكساد والأزمة المالية. وفي الواقع، ينخفض الطلب العالمي على النفط بسرعة كبيرة لدرجة أن حرب أسعار النفط العالمية سرعان ما أصبحت عرضًا جانبيًا ولكن تجاوزه الآن حدث أكبر. في خضم هذا الوباء الذي حدث مرة واحدة في القرن، كانت القيادة السعودية منزعجة من أن الدول غير الأعضاء في منظمة الأوبك، بقيادة روسيا، كانت غير راغبة في المساهمة بخفض 500 ألف برميل في اليوم، بالإضافة إلى تخفيض إضافي قدره مليون برميل في اليوم اقترحته المملكة لأوبك نفسها، في محاولة لتعويض الطلب الأولي من خسائر الفيروس. وعرضت المملكة على العملاء خصومات تصل إلى 8 دولارات للبرميل مقابل نفطها في أبريل وأعلنت أنها ستضيف حوالي 2.5 مليون برميل يومياً للإمدادات. وقد تستمر تداعيات حرب الأسعار وجائحة كورونا شهرين أو أكثر، وسيكون للفيروس والركود العالمي وفائض كبير في سوق النفط كل منها في حد ذاته عواقب بعيدة المدى. إن الجمع بين الصدمات الثلاث يجعل التنبؤات الواسعة مستحيلة، خاصة وأن الفيروس يشل الحياة الاجتماعية والنشاط التجاري حول العالم بسرعة متزايدة. ومن خلال تحديد سوق النفط، تتضح بعض الآثار حيث يواجه سوق النفط انهياراً كاملاً، حتى مع افتراض السيطرة على الفيروس في غضون بضعة أشهر. وتتوقع مجموعة «إنيرجي إنتليجنس» الآن انخفاض الاستهلاك العالمي بمقدار 2.9 مليون برميل يوميًا في عام 2020 في المتوسط للعام ككل، وقد يتبين أن هذا أمر محافظ للغاية. ويوضح النموذج انخفاض الطلب العالمي بأكثر من 7 ملايين برميل في اليوم في أبريل على أساس سنوي، بعد انخفاض مماثل في مارس. وسيكون الركود الاقتصادي الذي يلي الفيروس حادًا ويمكن أن يمتد إلى الكساد، حيث يرى مورجان ستانلي انخفاض الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي بنسبة 30 % في الربع الثاني وارتفاع البطالة إلى 12.8 % ولن يكون تغيير ذلك سهلاً. ومن غير المرجح أن يرتد الطلب على النفط مرة أخرى في الربع الثالث أو حتى في وقت لاحق، حيث ستتآكل القوة الشرائية الاستهلاكية بشدة وستظل الصناعة تكافح مع سلاسل التوريد المعرضة للخطر. في حين أن فائض العرض على الطلب في الربع الثاني قد يصل إلى 10 ملايين برميل في اليوم، وحتى مع بدء المزيد من البلدان في احتواء انتشار الفيروس، سيظل الفائض هائلاً بحلول منتصف الصيف. وسيتعين على شركات التكرير أن تقلل عملياتها وإلا فإن العالم يخاطر بنفاد سعة تخزين جميع الخام والمنتجات غير المستخدمة. ومع ذلك، تعتمد الاستراتيجية السعودية أيضًا على افتراض أن الطلب سوف يرتد، مما يسمح للأسعار بالارتفاع مرة أخرى بمجرد إزالة العرض الأكثر تكلفة من السوق. وهذا هو الجزء الصعب حيث سيكون الاستهلاك ضعيفًا بالتأكيد لبقية العام. وقد تستغل الحكومات هذه الفرصة وتربط عمليات الإنقاذ والاستثمارات بالأزمة الأخرى التي يواجهها العالم ومنها تغير المناخ. قد يطالب مواطنوها بذلك. ومع اهتزاز المجتمعات والهياكل الاجتماعية بعمق، قد لا يمكن للمستهلكين التنبؤ بنتائج الكثير من الصدمات النظامية التي ضربت السوق في وقت واحد. أمينة بكر