تواجه المملكة كما دول العالم تحديًا خطيرًا في محاربة ومنع انتشار فيروس كورونا كوفيد الجديد، غير أن التحدي يتنامى مع عنصر المفاجأة وصعوبة التنبؤ بحجم ما ستحدثه هذه الجائحة من أضرار ومخاطر على العالم، لكن القدرة على إدارة الأزمة بكفاءة عالية هي العامل الحاسم في تحجيم الأضرار الناجمة عنها مهما بلغت من خطورة وتعقيد. وعندما نستعرض جهود المملكة المبذولة في التعاطي مع أزمة فيروس كورونا نجدها تستجيب لهذا التحدي بكل كفاءة واقتدار. إن الإجراءات الاحترازية والوقائية الصحية التي اتخذتها المملكة وجهازها الطبي منذ اللحظة الأولى لظهور الأزمة وخلال مراحلها المختلفة من تشخيص وتحديد للمشكلة وآليات مواجهتها «تنظيم، تخطيط، إرشاد، سيطرة» جاءت وفقًا للمعايير الدولية في إدارة الأزمات الوبائية. لقد تعاملت المملكة مع هذه الأزمة بنظام مدروس وفق الأطر العالمية، بعيدًا عن التخبط أو الارتجال كما استنفرت في حملاتها التوعوية لكل شرائح المجتمع كل طاقاتها وإمكانياتها وبالتعاون مع جميع الجهات والنخب الفاعلة بمن فيهم رجال الدين الذين اعتبروا الالتزام بالإجراءات الاحترازية والوقائية التي تفرضها الدولة واجبًا شرعيًا على الجميع ضمن نطاق المسؤولية المجتمعية التي تعبر عن القيمة الأخلاقية لكل فرد «قيمة الفرد تقاس بما يحمله من مسؤولية تجاه نفسه ومجتمعه». علينا ألا نقف متفرجين غير عابئين بالخطر الداهم، وغير مبالين بالجهود الجبارة التي تبذلها الدولة في مواجهة هذه الأزمة، فالمعادلة ليست صعبة، باختصار نحن أمام جائحة عالمية، والدولة - أعزها الله - وضعت جملة من الإجراءات الاحترازية الحاسمة لمنع انتشار الوباء، من شأنها إذا التزامنا بها أن نحمي أنفسنا ومجتمعنا وبلدنا. وإلا تسببنا بإهمالنا ولامبالاتنا في كارثة عظمى لا سمح الله. ولنا في تجربة الصين خير مثال «الجهود السريعة والمضنية التي بذلتها الحكومة الصينية لمكافحة التهديد الصحي، وما أظهره الشعب الصيني من وحدة ومرونة وتصميم لهي تجربة مليئة بالعبر والدروس المستفادة. إذن التضامن المجتمعي المرتبط بالوعي الصحي السلوكي والوقائي يجعل الجميع يرتقي إلى مستوى الحدث في تضافر الجهود مع الدولة في كل ما تتخذه من إجراءات لمحاصرة هذا الوباء ومنع انتشاره. عندما يتهدد العالم خطر واحد كما هو اليوم مع فيروس كورونا، فمن الطبيعي أن تتوحد جميع دول العالم لتقف وتتكاتف صفًا واحدًا في مواجهة هذا الخطر الذي يتهدد حياة شعوبها ومقدراتهم بعيدًا عن أي خلافات أو اختلافات؛ بمعنى آخر أن هذه الأزمة الوبائية التي يواجهها وطننا الغالي بكل مكوناته هي أزمة الجميع، والكل معني بالتصدي لها بما يقتضيه الدور، وبأي حال من الأحوال، فالأزمات تديرها العقول التشاركية الفاعلة والبناءة، هذه العقول بما تملكه من وعي ومرونة في التفكير يمكنها تحويل الأزمات وما تحمله من مخاطر إلى فرصة لإطلاق القدرات الإبداعية التي تستثمر الأزمة كفرصة لإعادة صياغة الظروف إيجابيًا وإيجاد الحلول السديدة، هذا هو حال إدارة واستثمار الأزمة في المملكة. الوطن بحاجة إلى قلوب وعقول حية فاعلة ونفوس سامية، متعافية من أي مرض لكي يستطيع النهوض ودحر هذا الوباء وهزيمته. حماية الوطن وصيانته والارتقاء به مسؤولية الجميع. ما تقوم به الدولة - وفقها الله - بأجهزتها وإمكانياتها، وما تبذله من جهود مُضنية لاحتواء هذا الوباء ودحره - يدعو إلى الفخر؛ فكونوا على مستوى الوعي والمسؤولية بالتلاحم والتعاون معها حتى نخرج من هذه الأزمة الخطيرة بسلام.