لله دره من ملك، لله در إنسانيته الشاملة لأسمى معانيها، ولله در الخصال الحميدة التي نشأ في رحابها، وتتلمذ على أبجدياتها، فشكلت المعايير الصافية التي دأب عليها فكانت نهجاً ساطعاً تسلح به على امتداد إمارته لمنطقة الرياض، واستمر دون الابتعاد عنه منذ بويع ملكاً حتى يومنا هذا. لله دره؛ حازماً في مسؤوليته، حكيماً في قراراته، رؤوماً في متابعاته، وهأنذا والابتسامة تغمر كياني أقف أمام كلمته الأبوية الحانية وهو يضع الرعية في ماهية الظرف الذي نعيشه في ظل انتشار فيروس كورونا. لله دره؛ استهل كلمته بالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم راح يرسم لوحة واضحة جلية تتشكل فيها معالم الأسرة الواحدة الحاضنة لرعيته دون تفريق أو تمييز بين مواطن ومقيم مهما تنوعت الأطياف والفئات، لقد خاطب الجميع بلا استثناء بقوله: «إخواني وأخواتي، أبنائي وبناتي المواطنين والمقيمين على أرض المملكة العربية السعودية». ثم مباشرة وضعهم في ميدان المسؤولية الملقاة على عاتق الجميع في التكاتف والتعاضد لمواجهة المرحلة بكل شواهدها وتخوفاتها، وبكل آمالها وتطلعاتها، مشيراً إلى قسوة ما يعانيه العالم أجمع بسبب تفشي جائحة كورونا المستجد، وفي الوقت نفسه يؤكد أنها بإذن الله ستمر وتمضي، مستشهداً بقوله سبحانه وتعالى: «فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا»، ثم يبث في النفوس العزم واليقين بتأكيده على أن هذه الأزمة ستتحول إلى تاريخ يوثق مواجهة الإنسان لواحدة من الشدائد التي تمر بها البشرية، مشيداً بما أظهره الجميع من قوة وثبات، وبلاء حسن، وتعاون تام مع الأجهزة المعنية في كل ما تم اتخاذه من إجراءات احترازية للحد من انتشار هذه الجائحة ومحاصرتها. ثم راح يختم حديثه بصوت الأب لأبنائه المواطن والمقيم على حد سواء أنهما في عينيه، وأنه سيبذل الغالي والنفيس للمحافظة على صحته وسلامته، وتوفير كل أسباب العيش الكريم له. لله دره أي دفء ملأ القلوب في هذا الاحتواء! كأني بكل من يستنشق الهواء على هذه الأرض الطاهرة، يتحسس أنسام الوئام في صوته فيهتفون بصوت واحد أن «لبيك يا سلمان»، وينشدون معي: «عِشْتَ يَا وَطَنَّا عِشْتَ يَا وَطَنَّا أَنْتَ يَا أَمَلْنَا عِزُّ مَا مَلَكْنَا هَكَذَا هَتَفْنَا عِشْتَ يَا وَطَنَّا فَخْرُ مَا وَعَدْنَا أَنْتَ يَا مَلِكْنَا طِبْتَ مَا حَيِيْنَا عِشْتَ يَا وَطَنَّا كُلُّنَا وَهَبْنَا دُمْتَ يَا سَنَدْنَا أَنْتَ يَا وَطَنَّا عِشْتَ يَا وَطَنَّا قُلُوبُنَا سُكْنَاكْ» قُلُوبُنَا سُكْنَاكْ عُيُونُنَا تِفْدَاكْ لِأَنَّنَا صُنَّاكْ رِقَابُنَا سَلْوَاكْ قُلُوبُنَا سُكْنَاكْ هَلَاكُ مَنْ عَادَاكْ سُيُوفُنَا يُمْنَاكْ وَطَابَ مَنْ نَاغَاكْ قُلُوبُنَا سُكْنَاكْ دِمَاءَنَا إِيَّاكْ وَدَامَ مَنْ وَالَاكْ إِلَهُنَا يَرْعَاكْ قُلُوبُنَا سُكْنَاكْ.. إنه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز؛ في رحابه تستحي الكلمات من عجزها عن الوفاء له، وخصوصاً إذا ما اتصل الأمر بما يقدمه للإنسانية من خير وما يؤمنه لهم من أسباب الأمن والأمان، فمواقفه يدركها القاصي والداني، وأجمل ما يميزها ديمومتها، وشموليتها، وآثارها، كيف لا وهو الحافظ لكتاب الله، ومن يعمر قلبه كلام الله يجد عمل الخير مرافقاً لنبضاته وأنفاسه، وبالتالي يواصل فعل الخيرات باذلاً ما يستلزم ذلك من وقت، وجهد، ومال، رغم جسامة المسؤوليات واتساعها، لذلك نراه متفرداً في عطاءاته الخيرة بكل محطاتها حتى باتت سمة أساسية تحاكي فكره ونهجه دون النظر إلى معتقد الإنسان ولغته، ولونه، بل لكونه إنساناً في إطار رعيته. إنه سلمان بن عبدالعزيز وكفى، والصلاة والسلام على محمد الرسول المصطفى، وأدعو بما دعا: «حفظ الله بلادنا وسائر بلدان العالم، وحفظ الإنسانية جمعاء من كل مكروه»، إنه ولي ذلك والقادر عليه، اللهم آمين يا رب العالمين.