كان تفشي مرض الكورونا فاجعة أربكت جميع دول العالم لأمر لم يكن بالحسبان، فلم يتوقع أحد أن يكون ذلك الفايروس وباءً يداهم الصحة ويغيب الأرواح عن الحياة، مما تسبب بحالة استنفار عالمية معلنة الطوارئ لحماية البشرية من هذا الخطر القاتل الذي هجم بمخالبه على أرواح العالم دون رحمة مهددًا حياتها. لكن ذلك الأمر لا يعني توقف عقارب الساعة وانتظار هذا الشبح حتى يتلاشى ويزول، بل لا بد لكل أزمة من مواجهة والبحث عن حلول لاستمرار الحياة، وهذا ما صدر عن الحكومات في سبيل مواجهة هذا الخطر العالمي. ففي جانب التعليم؛ أُقفلت المدارس وأُغلِقت أبوابها في معظم دول العالم، حفاظًا على سلامة الأرواح من تفشي هذا الوباء بينها، ليتجه التعليم الحي إلى التعليم عن بعد في قاعات افتراضية من خلال الشبكة العنكبوتية. وهو ما عملت به وزارة التعليم في مملكتنا الحبيبة بتوجيهها للإدارات التعليمية والمدارس بالتحول إلى التعليم عن بعد، وتفعيل المنصات التعليمية التي أوجدتها وزارة التعليم وعملت على تفعيلها وربطها بالمناهج الدراسة، متمثلة في (بوابة التعليم الوطنية «عين») التي دُشِنت عام 1436ه، وهي بوابة تفاعلية تُغطي معظم محتوى المناهج الدراسية، لتكون خطوة مساندة للمدرسة في المنزل. ولم يكن التعليم العام وحده من توجه إلى التعليم عن بعد، بل حتى الجامعات انتقلت بشكل فوري إلى التعليم الإلكتروني، من خلال القاعات الافتراضية وعرض المحاضرات عبر البرامج والتطبيقات المتوفرة لدى كل جامعة، فاعتمدت المحاضرات المباشرة -عن بعد- في وقت المحاضرة الأصلي بتسجيل لحضور الطلاب وتفاعلهم مع أساتذتهم، كما اعتمدت المحاضرات المسجلة لتكون متوفرة متى احتاج الطالب للعودة إليها، بحسب قوة اتصال الإنترنت لديه. إن سرعة التصرف وحل الأزمة المفاجئة دليل على جودة الإدارة لدى وزارة التعليم والجامعات السعودية بتوفير منصات تساهم في الموازنة الحياتية بكافة ظروفها، ومواكبتها للتقنية التي أصبح موجة تسيطر على العالم، وإن كنا قد واجهنا بعض المشكلات – لدى فئة ليست بالقليلة- من ضعف مهارة الطالب في استخدام المنصات التقنية، لعدم تدربه الجيد عليها من قبل، وعدم اعتماده عليها في دراسته، مما جعله يواجه مشكلة في التعامل معها. كما أن تكليف الوالدين بحث أبنائهم على الدراسة من خلالها دون تهيئة مسبقة وتعريف شامل بالتعامل معها قد أربك الأهالي في موضوع القرار المفاجئ، وتحول الاعتماد في الدراسة على المنزل بعد أن كان الاعتماد على المدرسة بنسبة تتجاوز 80 %. والأصعب من ذلك أن يكون الإشكال في التعامل معها والتحول التقني للأستاذ الذي لم يكن قد استغنى عن التعامل مع الواقع، في الشرح والعطاء، بالإضافة إلى التعامل الورقي في تنفيذ المهام وإجراء الاختبارات مما سبب تأخرًا وتعطلًا محدودًا في هذا الانتقال المفاجئ. إني أتطلع إلى تجاوز هذه المشكلات وتخطيها مع تفعيل برنامج تنمية القدرات البشرية التابع لبرامج تحقيق رؤية المملكة 2030 في السعي لتدريب وتطوير المعلمين والمدربين وأعضاء التدريس من أجل تحقيق جودة عالية في التعليم بما ينسجم مع التقنيات الحديثة المواكبة لمتطلبات العصر.