أكتب لك أيها المؤذي الغريب، أيها الخفي القريب، أيها الغادر، يا مقرب الجماعات ومفرقهم، من أعجزت جهابذة العلم، وأنت الصغير اللا متناهي، يا من تكاد تنطوي في راحة اليد. إنني رغم قسوتك اللا محدودة ورغم الألم الذي تسببت به للعالم أجمع كنت على يقين بأن لك بعض الإيجابيات التي فتشتُ عنها بحذرٍ شديد، فاكتشفت أنك جمعت الأحباب بعد طول انشغالٍ بالعالم الافتراضي، وساويت الغني والفقير في احتمالية المصير، وفي مشهد لا يتكرر كثيراً جعلت فظًا غليظ القلب يفكر ويتعظ ويراجع نفسه في كثير من نعم الله التي لا تعد ولا تحصى، ولعلي ابتدىء بنعمة الصحة والعافية، وأثني بنعمة الأم والأب. لقد قصّرنا كثيراً، وابتعدنا دون أن نشعر فقست قلوبنا حتى صارت كالحجارة بل أشد قسوة، ولربما كان لك مقصد شريف نوعاً ما حين ألزمتنا منازلنا، لا أريد أن أكيل لك المديح كثيراً أيها المتغطرس، يا مكور الشكل، ولكنني في حقيقة الأمر تعلمت من العزلة في المنزل فن ترتيب الحياة من الداخل والخارج، عرفت حقا أن في اليوم 25 ساعة، وأن بمقدورنا أن ننجز الكثير مما ظل عالقًا بين بعد قليل وغداً، وعرفت أن كثيراً من الركض في الحياة سابقاً لم نكن بحاجة إليه، وأن العطاء التربوي داخل المنزل لا حدود له وأن الفرص الجميلة القادمة كثيرة جدًا. نعم امتنعنا عن الترفيه بشكله الاستهلاكي، والتسوق وروتينية الحياة التي اعتدنا عليها، ولكن حسبنا أننا لم نبتعد عن الله سبحانه، ولم نبتعد عن الوطن فلم نشرد ولم نسكن الخيام، ولم ينقصنا الطعام، دعني أيها الثقيل البشع أصارح الجميع فأقول: إن الصورة الاجتماعية للأسرة السعودية اليوم بأفضل حالاتها، وذلك لا يعني أنني سوف أسامحك أبداً.