نعمةُ الأمْنِ، ما أعظمها مِنْ نعمة! فحينَ يتهدَّدُ أمْنُ الشعوبِ، يتزَعْزعُ استقرارُها، خصوصاً إنْ لم تمتلك صلابةٍ المواجهة، وقدرة المكافحة. ولا يخفى على أحدٍ حالة الرعب والهلع التي سبَّبها انتشار فيروس كورونا الجديد (19-COVID)، وتزايد أعداد المصابينَ به في شتّى بِقاعِ العالمِ، وضرورة توافر إجراءات احترازية لحماية المواطنين. ولكَوْنِ المملكة أرضاً مُبارَكَةً، تعهد الله بحفظها وأمانها، وفيها بقاعٌ طاهرة تهفو إليها الخلائقُ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ وصَوْبٍ، كانتِ المملكة من أكثرِ الدُّول حِرْصًا على مجابهة فيروس كورونا الجديد، بتكثيف الجهود، واتخاذ التدابير الاحترازية التي تضمن الحد من انتشاره، والسعي لتحقيق الأمن الصحّي والبيئي والمجتمعي لكافة المواطنين، وضمان سلامتهم. وهذه الإجراءات الاحترازية تبث الطمأنينة في نفوس المواطنين، وتدعوهم لعدمِ القلق، إذ تتخذ حكومتنا الرشيدة كافة السبُل اللازمة لتطويق أي مكان يشهد وجود حالاتٍ مُصابَةٍ للحدّ من انتشاره، والتوجيه باتباع إجراءات السلامة وفق معايير منظمة الصحة العالمية وتعليماتها الواجب مراعاتها في مثل تلك الأحوال. ومن بين تلك الإجراءات الاحترازية، ما يلي: إجراءات تعليق الرحلة الجوية مُؤقتًا، من وإلى مجموعة من الدُّول (9 دول) من بينها مصر والإمارات والكويت وسوريا ولبنان. كما أنْ المملكة علَّقتِ – قبل شهر- سفر المواطنين والمقيمين فيها إلى الصين، مع تصاعد المخاوف من انتشار فيروس كورونا. ولم تكتفِ المملكة بتلك الإجراءات، بل أصدرت قراراتها بتعليق رحلات العُمرة مُؤقتًا، وقامت بأعمال التطهير والتعقيم للمطاف والمسعى، فأغلقتِ صحن المطاف حول الكعبة، وقامت بتعقيمات مكثفة داخل الحَرَم المكّي، ومنعت الاعتكاف والافتراش أو إدخال الأطعمة والمشروبات، كما أغلقت مشارب ماء زمزم ضمانًا للسلامة. وواصلت إجراءاتها الاحترازية في الحرم المدني بإغلاق المسجد القديم والروضة الشريفة ومقبرة البقيع، وتكثيف عمليات التطهير والتعقيم. كما أصدرتِ المملكة قراراتها بتعليق الدراسة في المدارس والجامعات بكافة أرجاء المملكة مع تفعيل المدارس الافتراضية والتعليم عن بُعد خلال فترة التعليق، وأوضحت وزارة التعليم أن قرار العودة للمدارس سيكون خاضعًا لتقييم اللجان المعنية بمواجهة الفيروس. وعبّرت المملكة عن جاهزيتها للتعامل مع الحالات التي تَأكدتْ إصابتها داخل السعودية والتي بلغت (11) حالة، كان معظمها حالات قادمة من إيران. وشدَّدَتِ المملكة إجراءاتها الصحيّة والوقائية في محافظة القطيف - مكان ظهور الإصابات، فعلقت الدخول والخروج منها، وأوقفتِ الدوائر الحكومية والمؤسسات الخاصّة بها، مع استثناء المرافق الأساسية والخدمات المنية والتموينية الضرورية. وزيادة في الاحتراز مُنِح كل من تأثر بتلك الإجراءات إجازة صحيَّة مُصدَّرة إلكترونا ومعتمدة من وزارة الصحّة. كما أعلنت هيئة الترفيه تعليق نشاطاتها الترفيهية وفعالياتها بمنطقتي الرياض "بوليفارد" و"ونتر ويندرلاند" ودراسة نشاطاتها من قبل للجنة التنفيذية، لدراسة الحد من التجمعات. ولم تقتصر جهود المملكة على ما اتخذته من إجراءات احترازية وقائية لسلامة مواطنيها، بل مدت يد العون للمجتمع الدولي للمساهمة في مكافحة ذلك الوباء من خلال التبرع السخي بمبلغ 10 ملايين دولار التي قدمها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله - لمنظمة الصحة العالمية، لدعم جهودها في التوعية والمكافحة للفيروس، ففي الشدائد دوما تظهر مملكة الخير والإنسانية، وتعلو رايتها الخفاقة بالمحبة والسلام. وكان لتعاون المواطنين وتكاتفهم باتباعهم الإرشادات الصحيّة الضامنة والإجراءات الاحترازية الواجبة للحد من انتشار الفيروس والقضاء عليه؛ مؤمّلين الخَيْرَ في دعوة إبراهيم -عليه السلام- المدَّخَرةِ لبلادنا ﴿ رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلدًا آمِنًا﴾.