هي ياسمينة عبق عطرها يخبركَ بوجودها، زهرةٌ بيضاء صغيرةٌ رقيقة تزهر مع النسيم العليل وتضوَّع عطرا مع ندى الصباح ولكنها تذبل عندما تستقر في يدك، أغلق عليها كفك تموت. ينتظرها زوجها الأسير لتزوره ويطمئن بدعائها وينتظرها، شاهدت قبر ابنها الشهيد لتسقي من دموعها ثراه، وينتظرها الأقصى لترابط على بواباته وفي زواياه. ياسمينة تخفف وطأة الحياة، على الزوج والابن والأخ، هي فراشة البيت في أول حياتها، انظر في عينيها تجد وهجاً يضوَّع حنانا، تكبر لتجدها صورة من الأم، تجدها تخاف على إخوتها، يزول عن والدها عبء يوم صعب ببسمة.. بلهفة.. بكلمة.. بضمة، تتقن تبديد الهموم، وتضميد الجراح، تتزوج ليتوهج مكان آخر بنور محبتها ورقة قلبها ولطافتها وجمالها. تبني عالمها الخاص، كما حلمت به منذ الطفولة، تسعى جاهدة نحو هدفها، مهما وضعت أمامها من عراقيل تنبت من جديد تتجه للشمس، تحيط خضرتها وبياض أزهارها الأسوار العالية، التي أُعدّت لكي تسجنها، وتتمسك بمنابتها حيث تضرب جذورها في الأرض عميقا، على أرض صلبة وبجذور قوية تعلو وتعلو. لا أحد يستطيع أن يوقفها، وكلما ظننت أنها اصفرت وستذبل تجدها تَخضَر من جديد لتملأ الطرقات أزهارها، تطيرُ مع الريح، بلا قيد. الياسمين لونهُ كلونِ طيور السلام، وكلاهما صفته الوداعة، ترى طيور السلام تفرد أجنحتها في الفضاء الرحب رمزا للحياة والوداعة وكذلك الياسمين، لا تكسر أغصانه، عليك أن تترك أغصانهُ تمتد وتمتد وتُزهر لتستمتع بعطره وظله، وما أجمل ظل الياسمين، تمتع بظل الياسمين وعطره وجماله، ولا تكابر.. كل عام وياسمينات الوطن بألف خير.