يواجه قادة مدارس التعليم للبنين والبنات في مختلف مناطق المملكة صراعًا بين المبادئ والتوجيهات الشفهية من المشرفين حول حالة حضور وغياب الطلاب والطالبات خلال العام الدراسي، التي تتطلب إدخال غياب الطلاب وتثبيته في برنامج «نور» التابع للوزارة، وسبب هذا الصراع أن أغلب المسؤولين - مشرفين تربويين أو مديري مكاتب تعليم أو مديري تعليم - يريد أن يكون غياب الطلاب والطالبات في المدارس التابعة له (صفرًا) في برنامج نور؛ لتفوز المدرسة بالتميز من لجان الانضباط العام للمدارس في المكاتب، أو على مستوى الإدارة، أو حتى على مستوى الوزارة، مع أن الواقع يخالف ذلك. وتذمر أولياء الأمور من هذه اللجان والبرامج التي أصبحت تهدد سلوك وأخلاق الطلاب والطالبات؛ بسبب توقف المدارس عن تزويدهم بغياب أبنائهم وبناتهم بالجوال، ما يجعلهم يتغيبون دون علم أسرهم في ظل عدم تواصل المدرسة. لا يصلني شيء وقال عبدالله الشهري -ولي أمر-: كان تواصل المدارس جيدًا في حال غياب أبنائنا عن المدرسة؛ حيث كانت تصل رسالة إلى جوالي بغيابهم، أو حتى تأخرهم، وفي حال ارتكب ابني أي مخالفة داخل المدرسة تصلني رسالة أيضًا بالحسم، وكان يسعدني هذا التواصل الجيد، مضيفًا: «كنت أناقش ابني عن كل تصرف يحدث منه وأسعى إلى توجيهه وتقويمه، أمّا الآن فلا يصلني شيء نهائيًا، فعندما يتغيب ابني بسبب المرض أو أي ظرف آخر، لا يتم إشعاري، وهنا يمكن ألا أكون على علم بغيابه، إلى جانب أنه لا تتم مساءلة ابني عن غيابه نهائيًا». تقييم ممتاز! واتفق محمد المطيري مع ما سبق ذكره، مضيفًا: «أدى ذلك إلى عدم تواصل المدرسة مع أولياء أمور الطلاب، لحرص المسؤولين في إدارات التعليم وفي مكاتب الإشراف على أن يكون تقييم المدارس التابعة لهم في برنامج نور ممتازًا، وذلك بعدم وجود أي غياب فيها»، مبينًا أنه يتم التضليل على المسؤولين في الوزارة بأنه قد تقلص الغياب في المدارس بشكل كبير وهذا غير صحيح، بل إن أغلب المدارس إن لم يكن جميعها الحضور فيها معدوم، ذاكرًا أن إدارة التعليم تقيم حفلًا سنويًا لتكريم مكتب التعليم المتميز في الانضباط والمتمثل في عدم غياب الطلاب أو الطالبات في المدارس التابعة للمكتب. ليس لديهم غياب وأوضح أحد أولياء الأمور أنه تغيب أبناؤه الأيام الثلاثة بعد اليوم الوطني، وأنه لم تصله أي رسالة عن غيابهم، بل لم يتم سؤالهم لماذا تغيبتم؟ مضيفًا أنه دخل بوابة المستقبل وبرنامج نور وظهر له أن أبناءه ليس لديهم غياب نهائيًا! مبينًا أنه أرسل قبل قرابة شهرين للمعلمين عبر بوابة المستقبل استفسر عن مستواه، ولم يتجاوب معه إلاّ أربعة معلمين فقط، متأسفًا أن أبناءه مهددين بالضياع من أجل أن يسجل في نظام نور أن هذه المدرسة لم يتغيب فيها إلاّ طالب أو طالبان. تحسن ملحوظ وقالت فاطمة الزكري - مديرة مكتب التعليم بوسط الرياض-: إن عمل لجنة الانضباط يحقق أهداف وزارة التعليم في متابعة الانضباط والوقوف على الواقع الفعلي في غياب وحضور الطالبات، مضيفةً أن نجاح عمل هذه اللجنة مرتبط بنجاح عمل الشريان الرئيس في العملية التعليمية وهي المدارس، كذلك نجاحها يرتبط بتغيير ثقافة المجتمع تجاه أهمية الانضباط وتأثيره في المستوى الدراسي للطالبات؛ ولله الحمد هناك تحسن ملحوظ في الانضباط بداية وخلال العام الدراسي، لكن لا تزال لدينا مشكلة في انضباط بعض الطالبات قبيل فترة الاختبارات، وهذا يتطلب من المسؤولين دراسة الأسباب ووضع الحلول المناسبة. وحول عدم مصداقية المدارس في تسجيل الحضور أشارت إلى أنه إذا كان هذا الملاحظ صحيحًا، فلا يستحق هؤلاء القادة حمل أمانة التربية والتعليم، فالتربية بلسان الحال أبلغ منها بلسان المقال، وفي حال ثبت للجان الإشرافية ذلك تتم محاسبة القادة المخالفين. وعن توقف المدارس عن إرسال رسائل إلى أولياء أمور الطلاب تشعرهم بغياب أبنائهم، أكدت أنها لم تلاحظ ذلك من خلال لجان المتابعة للمدارس، مشددةً على ضرورة التعامل مع شكاوى أولياء أمور الطلاب والطالبات في هذا الأمر بطريقة رسمية ومحاسبة كل من يثبت تقصيره. تعاون الجميع وعلّق فواز بن محمد آل دواد - مدير مكتب التعليم بمحافظة الدرعية - قائلًا: الانتظام الدراسي لوحة فنية ترسمها المدرسة، ويشاهدها المجتمع، فالمدرسة بكل العاملين فيها هي التي تصنع الانتظام في روح الطالب وفي صورة التعليم، ومن يرى هذا الانتظام ويشعر به هم المستفيدون من كل شرائح المجتمع، ولا يمكن أن يتحقق الانتظام إلا بتعاون الجميع، مضيفًا أنه صار العمل أسهل مع وجود التقنية الحديثة وسهولة التواصل بين كل الأطراف: المدرسة والمجتمع، مؤكدًا أن وزارة التعليم وفرت عديدًا من الأدوات التي تساعد على ذلك، فهناك صفحة تواصل وحسابات التواصل الاجتماعي يمكن أن يستفيد منها الجميع في بناء الانتظام والانضباط المدرسي، حيث يمكن للأسرة نقل وجهة نظرها في انتظام المدرسة للوزارة والإدارة المعنية، كما أن المدرسة بما تملكه من أساليب وتجهيزات وموارد بشرية يمكنها كسب قلوب الطلاب والطالبات وجعلهم يفضلون الانتظام على الغياب، حيث نشاهد كثيرًا من المعلمين والمعلمات الذين تنتظم صفوفهم ويحضر طلابهم في كل الأيام مما يدعو إلى الفخر والاعتزاز. وأشار إلى أنه لن تجد مدرسة أو أسرة ترضى بالإخلال بقيمة الانتظام والتصرف اللائق، ولكن في الممارسة - مع الأسف - نجد هناك بعض ما يشجع على الغياب، أو يرضى من بعض أطراف العملية التعليمية، كإحدى صور الخلل في العلاقة بين البيت والمدرسة. فواز الداود