تتسابق الدول وتتنافس على استثمار مواردها الطبيعية كالغاز الذي يساهم بقوة في رفع معدلات النمو الاقتصادي، ولكنها تخشى بؤر الأمراض وآفة الفيروسات التي تضرب اقتصاد دولها كما يحصل اليوم مع فيروس كورونا، وخلال الأيام الماضية سمعنا عن حدث عالمي تناقلته وسائل الإعلام بإعلان المملكة اكتشاف حقل الجافورة كأكبر حقل للغاز في العالم، والذي سيشكل رافداً استثمارياً مهماً للمملكة، ولعل استحداث وزارة كاملة متخصصة في الاستثمار يقودها رجل بقامة المهندس خالد الفالح سيلقي أضواء الرؤية الوطنية نحو الاهتمام المستقبلي بهذا القطاع الحيوي والمتجدد في عالم الاقتصاد!. لا شك أن الدول التي استثمرت في الغاز الطبيعي كروسيا (40 % من صادرات موسكو) وقطر (65 % من صادرات الدوحة) قد حظيت بهذا المورد الاقتصادي المهم، ولهذا فإن تدشين المملكة دخولها في عالم الغاز سيشكل نقطة تحول نوعية في موارد الدولة، والذي ستنعكس آفاقه على تنويع مصادر النمو الاقتصادي للوطن. وفي المقابل، رأينا كيف ضرب الفيروس (كورونا) مكامن الاقتصاد الصيني حتى أعاق حركة التجارة في البلاد، بل وتسبب في تعطيل الحركة السياحية لكل الدول التي تفشى فيها، وهو اليوم حديث الساعة لكل العالم، ولأن استباق وقوع الأحداث وتقديم الحلول قبل حصول الكوارث سمة متلازمة مع الدول والحكومات المتحضرة، فقد سارعت المملكة بحكمتها المعهودة وخبرتها في إدارة الأزمات إلى تعليق تأشيرات العمرة وتعليق دخول مواطني دول مجلس التعاون إلى الأماكن المقدسة كإجراء وقائي يخضع ضمن منظومة متكاملة من الحلول الآمنة التي انتهجتها المملكة للحيلولة دون تفشي هذا الفيروس الفتاك بين ضيوف وزوار الحرمين الشريفين، وتأتي هذه الإجراءات انطلاقاً من مسؤوليتها التي تشرفت بها في خدمة وحماية ضيوف الرحمن. ولعلنا هنا نستلهم الفرق في نموذجي الإدارة بين الرياض وطهران، فعلى الرغم من خلو المملكة تقريباً من فيروس كورونا إلا أننا شهدنا اهتماما ملحوظا على كافة الأصعدة، أعقبه منظومة من الإجراءات الاستباقية والتي تعكس حالة الحس الوطني السعودي، وتؤشر عن واقع الاهتمام والرعاية بالمواطن والمقيم، بينما في الجهة المقابلة وعلى الأرض الإيرانية رأينا كيف تفاقم الفيروس القاتل بين فئات الشعب الإيراني وفتك بكثير من مرتادي المزارات الدينية، دون أي ردة فعل متوافقة مع خطورة الوضع الصحي من لدن الحكومة الإيرانية، وليت أن الأمر بقي بضرره محصوراً على جغرافيا تلك المزارات، بل رأينا كيف نقله بعض الزوار الخليجيين والعرب إلى أوطانهم بنمطية توسعية خطيرة لهذا الداء الفتاك، وهنا نخلص في مقارنتنا إلى منهجية الحكمة والعقل التي تتميز بها القيادة الرشيدة بالمملكة، في مقابل منهجية إيرانية تكاد تكون أقرب إلى نمطية الاستهتار وعدم المبالاة بشعبها أو بزائريها!.