جرت العادة طيلة العقود الماضية أن الدعم الذي يأتي للجمعيات الأهلية والخيرية وكذلك اللجان الاجتماعية والفرق التطوعية هو من قبل الجهات الرسمية كالوزارات المعنية بالجمعيات المهنية أو التنمية الاجتماعية المشرفة على الجمعيات الخيرية أو المؤسسات الأسرية المانحة سواء قبل التنظيم الذي صدر لها في العام 1437 أو بعده، بالإضافة إلى ما يقدمه قطاع الأعمال من بنوك وشركات ومؤسسات من خلال إيمان القطاع الثاني بالمسؤولية الاجتماعية وما يجب عليه أن يقدمه لخدمة المجتمع الذي هو مصدر أرباحه في الأصل، ومن أهم الروافد لتلك الجمعيات ما يقدمه الموسرون في وطننا الكريم سواء بالتبرع المباشر أو عن طريق إمارات المناطق والمحافظات وربما عن طريق الوزارة، أو عبر أنظمة التبرع كالاشتراك في قنوات الرسائل الهاتفية أو القنوات الوقفية التي تطلق لتلك الأغراض والاشتراك فيها بعدد من الأسهم أو الشراء المباشر للأوقاف أو عبر الوثائق الوقفية التي يضمن معها المتبرع الاستدامة للبرامج والمشروعات والأنشطة. وما تقدم هو وصف لما يتم في الواقع، وهي السُبل الظاهرة والقنوات المؤثرة في تنمية القطاع الثالث واعتماده عليها، غير أن هناك قنوات يمكن التركيز عليها في زيادة الإيراد للجمعيات الخيرية وبالتالي زيادة التأثير في الناتج المحلي وضمان تحقيق هدف رؤية المملكة 2030 ليصل تأثيره إلى 5 % وكذلك التأثير المباشر في الجذب ليتحقق هدف الرؤية في محور التطوع ليصل إلى مليون متطوع "نساء ورجالا" وهي قنوات ووسائل غير تقليدية دون شك ويمكن من خلالها صناعة آلية إنسانية في المجتمع وإيجاد سياسة للتكافل الاجتماعي عبر الجهات القادرة الجماعية أو الفردية وتحقيق الخيرية المجتمعية التي اختارنا الله لها "فخير الناس أنفعهم للناس" ويمكن تسليط الضوء على بعض تلك المستهدفات: أولاً: العقود والمناقصات الحكومية ومن خلال نظام المشتريات الذي تم إقراره، وضرورة احتساب ما لا يقل عن 2.5 % من قيمة تلك العقود وبكل مستوياتها وأنواعها ومجال خدمتها، وهذا يقدر بالمليارات؛ لأنه يشمل عقود الإنشاء والصيانة والتشغيل والشراء المباشر وغير المباشر وتأمين المواد والمستلزمات المتعددة والتجهيزات المتنوعة، وعقود تأمين العمالة وتشغيلها وغيرها كثير وهو ما تعتمد عليه الجهات الحكومية لتسيير أعمارها وتنفيذ برامجها ومشروعاتها، ويرتفع بذلك مستوى المشاركة المجتمعية والتنمية للمكان والإنسان وستعود الفائدة على أطراف العلاقة، والمسؤولية الاجتماعية ليست ثقافة حديث ولكنها ثقافة مشاركة وثقافة مبادرة وعطاء وهو ما نجزم به لقطاع الأعمال بتفاصيله. ثانياً: عقود الاستثمار الأجنبي، نأمل أن يخصص نسبة لا تقل عن 5 % من قيمة تلك العقود والاتفاقيات لبرامج المسؤولية الاجتماعية في الوطن الذي قدم لهم هذا الاستثمار وذلل الصعاب ووفر كافة الخدمات كي يكونوا منتجين وبالتالي يحققوا مستهدفاتهم في الاستثمار. ثالثاً: العقود الرياضية ومعها يمكن أن نقود الدعم الحكومي الكبير جداً للأندية، ولعل الأرقام الفلكية التي نقراء عنها لعقود اللاعبين تجعلنا نطالب بشدة أن يكون فيها نصيب للمسؤولية الاجتماعية لهذا المجتمع الذي أحب أفراده اللاعب وشجعه وغضب لأجله سواء كان لاعباً وطنياً أو وافداً، والأمر لا يتجاوز أن يكون نظاماً مع تثقيف اللاعب والمدرب بما عليه من واجب تجاه الوطن خاصة وأن القيمة المضافة لا تقتطع إلا على الصيغة الأساسية للعقد وهي غير حقيقية، ونعلم ونقدر أن هناك الكثير من اللاعبين المحترفين الوطنيين يقومون بالعديد من المبادرات الاجتماعية ولكن دون رصد لها وتحديد قيمتها والأثر الاجتماعي أو التنموي الذي أحدثته تلك المبادرات ولذلك لا تدوم العطاءات لأنها دون تنظيم. رابعاً: مشاهير التواصل الاجتماعي، ونجزم أن تأثير بعضهم كبير.. وإن كان وضعهم يحتاج من الجهات المسؤولة إلى تنظيم غير تقليدي، وعليهم بمقدار الدخل الذي يحققونه مسؤولية اجتماعية يمكن أن تكون مثالية، وأعلم أن البعض منهم لا يأخذون مقابل الإعلان للجهات الخيرية مبالغ مالية ولكنهم قليل، ويمكن تخصيص ما لا يقل من 5 % إلى 10 % من الدخل لخدمة المجتمع وإبراز ذلك كحق للمشاهير ورغبتهم في خدمة مجتمعهم ووطنهم، خاصة وأن المصاريف التشغيلية والإدارية شبه معدومة التي يجني من خلالها مشاهير التواصل الاجتماعي الأرباح والسيولة النقدية، ولمن كان سبباً لشهرتهم حق عليهم لا يمنعونه، ويدخل في الواجب شركات الدعاية والإعلان. خامساً: الفنانون والفنانات، ونتفق أن الله طيب ولا يقبل إلا طيباً، ولقد أفتى لنا عدد من أصحاب الفضيلة في عدد من الجمعيات الخيرية بجواز أخذ التبرع من الفنان والصلاة في المسجد الذي بناه لأن المال في أصله حلال وإذا كان هناك أثم فهو على صاحبه ويجوز الاستفادة من ماله في برامج الجمعيات وأنشطتها، وهم يحملون شعوراً إنسانياً مثل غيرهم ويرغبون في التنمية والمساعدة، وسمعنا عن كثير من الفنانين يتبنون عشرات الأسر ويصرفون عليهم ويرعونهم. ختاماً.. تخصص تلك الأموال لبرامج المسؤولية الاجتماعية بصفة عامة، وكذلك لتغطية بعض المبادرات الحكومية المتوافقة مع محاور الرؤية التنموية والتي عليها الأن جزء من تنمية المجتمع وخدمته فيما يخصها، أو يمكن توجيهها للجمعيات الخيرية وأنشطتها التي تصب دون شك في خدمة فئات محتاجة وكذلك المبادرات التي لها مساس مباشر بتأهيل الشباب والشابات لمقابلة احتياجات السوق من الأعمال، وهو الأمر الذي بات يؤرق الأسر والمجتمع بحكم تباين مخرجات التعليم المتنوعة وحاجة السوق، ويمكن أن نصنع من هذا التفاعل في المسؤولية الاجتماعية مبادرات وطنية تلامس الاحتياج أو تُستنسخ من تجارب من سبقنا في ذلك، ولا نشك مطلقاً بتفاعل الجميع إذا أحسن عرض المشاركة ووصول رسالة التوءمة بين القطاعات الرسمية والخيرية وبين المستهدفات الأربع في التنمية وسنصنع من خلالهم قدوة حسنة في قطاعات الأعمال والوسط المجتمعي والرياضي والفني. *عضو لجنة المسؤولية الاجتماعية بغرفة الرياض