من حسن الطالع ودواعي الفرح والسرور لهذه الأرض الطيبة المعطاء، أن تبزغ شخصية تاريخية تراثية عربية في هذه المعمورة وهذه المنطقة العريقة، لتضيف بهجة وعنفوانا وفخراً لتاريخ أمتنا العربية والإسلامية، وبلادنا الظافرة، لترصع ملامح تاريخها المجيد التليد الحافل بالبطولات وسير الأمجاد، المدون في سفرها الخالد من سيرة ومسيرة أبطالها ورجالها الخالدين الغيارى الأفذاذ، الذين برزوا وأبدعوا وضحوا وأثروى السير التأريخية، ليكونوا رموزاً عظاماً تفخر بهم الأمة وأهلها وأبنائها، ومن هؤلاء الرموز الكبار العباقرة والمؤثرين الفاعلين، شخصية كريم العرب (حاتم الطائي) الحائلي، الذي ملأ الدنيا ضجيجاً وصخباً وبهرجة وبهجة وإعجاباً وعنفواناً، لما قدمه هذا الرجل العملاق والظاهرة الكونية، من تضحية بالمال والجهد والجلد والإصرار والعزيمة، ليخلد ويحمل صفة (كريم العرب)، في ظرف قاس واستثنائي وصعب للغاية في تلك المرحلة القاحلة، ليبذل الغالي والنفيس ويكون رمزاً عربياً خالداً، يحمل هذه الصفات العربية الحميدة الأصيلة والسيرة العطرة، التي لم يسبقه عليها أحد في العالم أجمع، حتى أن جمهورية الهند عملت وانتجت له مسلسلاً تاريخياً خاصاً لهذة الشخصية الفذة المتفردة بهذا السخاء والكرم المفرط. وقد عملت منطقة حائل خيراً لوفاء هذا الرجل المتفرد والشخصية التاريخية، حيث أقيم له ملتقى دولي سنوي في منطقة حائل الكريمة تحت عنوان (ملتقى حاتم الطائي الدولي)، يعده وينظمه نادي حائل الأدبي، يستضيف فيه كل عام على مدار 4 سنوات خلت، شخصيات أجنبية وعربية ومحلية، ذات الشأن بهذه الصلة والمناسبة، وتقام مؤتمرات وندوات وجلسات عمل نقاشية ومحورية، ترصد وتجسد هذه الشخصية وسيرتها ومسيرتها العطرة الجبارة المتفردة لهذا الشخصية العجيبة. ويقام الملتقى برعاية ودعم وإشراف إمارة حائل مشكورين. وكلما زرنا هذه المنطقة في هذه المناسبة التاريخية السنوية، ننبهر وندهش ونذهل من سمات وأسلوب وعادات وتقاليد وكرم أهالي المنطقة الذين يتوافدون على نادي حائل الأدبي، يطلبون من رئيس النادي التكريم والاحتفاء بالوفود المشاركة بهذه المناسبة، ويدعون أهالي حائل المشاركين بالملتقى إلى منازلهم وقراهم ومضاربهم، ليعدوا الولائم والطعام الوفير وإعداد القهوة العربية والتمور المتنوعة والهدايا للوفود المشاركة بشكل لافت ومفرط بالكرم والسخاء، الغريب في الأمر حتى بعض الأسواق حين نزورها مع الوفود وحين يعرفون إننا ضيوف ملتقى (حاتم الطائي)، يرفضون استلام المبالغ ثمن الحاجيات التي نشتريها من الأسواق الشعبية التراثية، بقولهم (عيب وخجل إننا نأخذ النقود منكم وأنتم ضيوف حاتم الطائي)، ما هذا الأفراط بالكرم الحاتمي المبهر، والسخاء المفرط والعفة الملهمة والأنفة الزائدة، يا (ديرة حاتم الطائي), ألا يكفي ما بذله كريم العرب في وقته وظروفه، حتى تزيدوا عليه من كرم وشيم ورفعة وضيافة، إنها تركة ثقيلة توارثها أجداد وآباء وأبناء هذه المنطقة الكريمة!.