لكل منا احتياجاته المتفق عليها، بمعنى أن جميعنا يحتاج إلى الطعام ونشعر بالجوع، ولكننا نختلف في النوعية والكمية والتوقيت، فأي إنسان يشعر بالإحباط ويفقد جزءاً كبيراً من طاقته الإيجابية إذا لم يشبع احتياجاته، كما يشعر المرء بالعدوانية تجاه الفرد الذي يتوقع منه تحقيق هذا الإشباع إذا لم يحقق توقعاته، وكما للإنسان حاجة إلى الطعام، فله أيضاً حاجة للحب والعواطف، إن المشكلة التي يعاني منها البعض هي الصعوبة بمكان التعبير عن الحاجات العاطفية، خصوصاً لدى النساء، على الرغم من أنّها جزء من احتياجات الفرد الرئيسية والتي تؤثّر سلباً في علاقته الزوجية والعائلية إن لم تشبع بالشكل الكافي والمناسب، وتنعكس بالتالي على كل تعاملات الفرد. للرجال تكوين عاطفي وعقلي ونفسي، كما لديهم احتياجات مختلفة عن تكوين المرأة، وليس الاختلاف فقط في التكوين الجسمي، والاختلاف بين الرجال والنساء للتكامل وليس للتنافر والعداء، فقد خلقنا الله رجالاً ونساء، ينجذب بعضنا إلى بعض، يكمِّل بعضنا بعضاً، وأيّ تغيير في الطبيعة التي خلقنا الله عليها سوف يؤثّر في هذا التجاذب والتقارب، وينتج التنافر والتشاحن. أكبر تهديد لسعادة شريك الحياة إذ يصبح حاجزاً يحول بين الزوجين، ويمنع الحوار بينهما، ويجعل حياتهما جافة بلا عواطف؛ ما ينتج عنه حالة عدم ثقة في الآخر والتي تترتب عليها مشكلات زوجية كثيرة قد تؤدي في البداية إلى الانفصال العاطفي، فالجسدي، ثم الطلاق، إنّه ما يسمى الجفاف العاطفي بين الزوجين، وهو أشدّ درجات البخل قسوةً لكونه يتنافى مع القاعدة الأساسية التي يقوم عليها الزواج، فأصل الزواج المودة والرحمة، ونقيضه هو حالة من انعدام الحب والتعاطف التي يعيش فيها الزوجان منفردين رغم وجودهما في منزل واحد، ويعيشان في انعزال عاطفي تام، ولكلٍ منهما عالمه الخاص البعيد عن الطرف الآخر، حتى يصبح حضور أو غياب أحدهما عن البيت لا يعني للآخر الكثير، وربما يصل في مرحلة متقدمة إلى شعور بالراحة والاطمئنان عند الغياب أو السفر. الأسباب لهذه الظاهرة المتكررة متعددة ومختلفة باختلاف نماذج الحياة من حولنا، فالتطوّر الكبير في عالم الاتصال والتواصل الإلكتروني جاء أصمَّ أجوفَ فهو لم يحمل معه نبضات القلوب ومشاعر الزوجين بعضهما لبعض، حتى المشاعر والعواطف أصبحت (مُصنَّعة) في معامل مواقع التواصل الاجتماعي، فما عليك سوى نسخها وإرسالها لشريكك الذي سيرى تلك المشاعر بعينه لا بقلبه! علاقة الرجل بالمرأة علاقة تكاملية لا تنافسية، وغالباً ما يتصور البعض أنّ اختلاف الأدوار يعني تميّز الرجال على النساء، أو تميّز النساء على الرجال، ولكن ذلك الاختلاف هو قدرة الله وحكمته لتنظيم الكون وعمارة الأرض، فالاختلاف غاية للتكامل، وليس للتنافر والعداء، فالعلاقة ما بين الرجل والمرأة لم ولن تكون علاقة تنافسية بل علاقة يغشاها الحب ويغلفها الود وحسن المعشر.