الطلاق العاطفي أو الطلاق الصامت حالة شائعة تقتل الحب وتدمر العلاقات بين الزوجين، ينتشر للأسف الشديد في كثير من البيوت التي تغطي أركانها الثلوج، بعد أن غيب الصمت دفء عواطفها وانعدمت المشاعر بين الأزواج فيها، فظهر التباعد والتقوقع داخل الذات، بعد أن سُمح للوحدة والانعزال أن يخيما عليها بخلافات قد تكون تافهة تُرك لها المجال لتشتعل، فبخرت العواطف التي كثيراً ما تبرد بفعل الطقس وعوامل الرياح ليحل محلها الجفاف والملل والرتابة، فيموت كل جميل في الحياة. خلافاً للقاعدة الأساسية والفطرة الربانية «وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً» فطرة ربانية تُغتال بفعل الزمن وعدم الرضا بالواقع، بالإضافة إلى حالات ذكرها خبراء الاجتماع على رأسها عملية الاختيار غير الموفقة، وعدم فهم كلا الطرفين للآخر، واختلاف الاهتمامات أو الخلفيات الثقافية والاجتماعية بين الزوجين، والأنانية التي تؤدي للفتور العاطفي الذي يشيّع الحياة الزوجية إلى مثواها الأخير، وأسباب أخرى كثيرة. تشير الأرقام إلى أن 79 بالمائة من حالات الانفصال العاطفي تكون بسبب معاناة المرأة من انعدام المشاعر، وعدم تعبير الزوج عن عواطفه لها، وعدم وجود حوار يربط بينهما، التهميش وصمت الزوج يجعل كل يوم يمر تفقد فيه الزوجة إحساسها بالأنوثة، وتتوسع حياتها التعيسة يوماً بعد يوم لتصل للخروج عن كينونة الزواج وسياجه، حالات كثيرة تفضل هذا النوع من الطلاق؛ حفاظاً على الترابط الأسري وضمان البقاء تحت سقف واحد؛ لضمان عدم تشتت الأطفال. وفي تقرير لمجلة الألمانية أوضحت الإحصائيات أن تسعًا من كل عشر سيدات يعانين من صمت الأزواج، وانعدام المشاعر المرتبطين منذ أكثر من خمس سنوات فهل ماتت المشاعر؟ أم عجزوا عن التعبير عنها؟ سؤال محير يحتاج لإجابة وقد تختلف هذه الإجابة من شخص لآخر، إلا أنها تتفق وبشدة في وقوع هذا الجفاف. حتى العلماء أنفسهم اختلفوا في حقيقة الجفاف وهل هو موت مشاعر أم عجز عن تعبير عن المشاعر؟ إلّا أنهم أكدوا أن السبب خلل في التربية والتنشئة الاجتماعية فرض على الطرفين أو أحدهما عدم البوح بالعواطف والمشاعر، ومنع استثمارها في بناء العلاقات الأسرية الجيدة، وإن معظم الزيجات تقوم على حب عظيم تنقصه مهارات التعبير عن المشاعر والعواطف، وأشاروا إلى أن المرأة تعاني من تلك المشكلة نفسيا واجتماعيا، في مواجهة بعض الرجال الذين يعتبرون توجيه عبارات الحب للزوجات عاراً، وأكدوا على أن الإشباع العاطفي لا يقل أهمية عن الحاجة إلى الطعام، والشراب، والأمن، والسعادة، وأوضحوا أن التخلص من الجفاف الاجتماعي يقضي على 60% من مشكلات المرأة داخل الأسرة. المشكلة أن هذا الجفاف العاطفي أو البخل العاطفي لا تتأثر به حياة الزوجين فقط، بل دمار يدمر كيان أسرة بما تضم من أبناء، لماذا يُترك للصمت الحبل على الغارب؟! لماذا لا يبدأ المتضرر بكسر جدار الصمت وكسر الحواجز؟!! ولكسر الحواجز تعتمد لغة الحوار الجيد الذي يعيد الدفء للحياة الزوجية، والمصارحة الزوجية في كل الأمور الحياتية مع التجديد والبعد عن الروتين، واقتناع كل من الزوجين بالآخر، وللزوج أقول كما قال أنيس منصور: فرق بين أن تحبها لأنها جميلة، وأن تكون جميلة لأنك تحبها. والأشياء الصغيرة تحدث تأثيراً كبيراً كما يقول جون غراي في كتابه (الرجال من المريخ والنساء من الزهرة). «ليتخيل الزوج أن المرأة تحمل خزان حب يشبه خزان الوقود في السيارة ويحتاج أن يعبأ مرة بعد مرة والقيام بفعل أشياء صغيرة هو سر تعبئة خزان الحب لدى المرأة، دقائق قليلة من وقتك تشعرها باهتمامك، امتدح مظهرها، صادق على مشاعرها، فاجئها بوردة». فقط وردة. قد تكون الزوجة المصدر الأساسي للمشكلة، عليها في هذه الحالة أن تضع السكر في كل ما تقوله للزوج وما تفعله، الحياة لا تعطي الشخص كل ما يحب ولكن من يحبهم يعطونه الحياة، والقلب الصادق يقول أنا أحبك إذن أنا مستعد لفعل أي شيء من أجلك، ولتستمر الحياة.