الرعي مهنة الأنبياء والرسل اختارها لهم الله وهم صفوة الخلق, فكان سيدنا موسى عليه السلام راعياً عند سيدنا شعيب لمدة عشر سنوات, كما عمل النبي صلى الله عليه وسلم في صغره بالرعي فعن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَا بَعَثَ اللَّه نَبِيًّا إِلا رَعَى الْغَنَمَ، فَقَال أَصْحابُه: وَأَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلى قَرارِيطَ لأَهْلِ مَكَّةَ. رواه البخاري. يسقى زمان فات يوم كنت وياه نسرح فالغنم يوم النوايا طيبة وقلوب أهلنا صافية لمهنة الرعي حكاية تاريخية قديمة مارسها الإنسان بعد أن استأنس الأنعام, فجاءت معها مهنة الرعي كمهنة تاريخية عرفت ما قبل التاريخ وتتسم بالرعي البدوي, أي كثرة الترحال من أجل الكلأ, وانتشرت في أقصى الأرض وأدناها مرافقة لتربية الحيوان في المناطق قليلة الخصوبة أو قليلة المطر, كما في الجزيرة العربية, وكان قدماء سكان منغوليا وروسيا والصين، والتتار أو الشعب التركي في أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى بدواً رحلاً, يمارسون الترحال والرعي فيما قبل التاريخ. وما زالت بقاياهم بدواً رُحَّلًا حتى يومنا هذا. وتنتشر مهنة الرعي في العالم كمهنة قديمة ليس لها حدود, أو زمان, أو مكان, ويتبع اسم مهنة الرعي نوع الأنعام التي يتم رعيها, ففي أميركا يعتمدون على تربية الأبقار فيقال (رعاة البقر) أما في أوروبا واستراليا وأفريقيا وآسيا وروسيا فتغلب تربية الأغنام فيقال (رعاة الأغنام) وهناك (رعاة الإبل) وخصوصاً في المملكة العربية السعودية والهند والسودان والمغرب لاهتمامهم بتربية الإبل بالإضافة لتربية الأغنام, و(رعاة غزلان الرنّة) يسكنون غابات التايغا المتجمدة بين روسيا ومنغوليا, وتغلب تربية قطعان (الخيول) عند سكان سهول سيبيريا, والذين ما زالوا يمارسونها حتى وقتنا الحاضر ويرحلون بها من مكان لمكان بحثا عن الرعي, ولمهنة الرعي في العالم دور اقتصادي كبير ومهم وتجد اهتماماً دولياً بسبب الطلب العالمي على منتجات الحيوانات المختلفة. والرعي من المهن المهمة في المملكة العربية السعودية, لاهتمام سكانها بتربية المواشي كمصدر اقتصادي, ويجد المواطن دعماً حكومياً لتشجيعه عليها, فاستمرت معها مهنة الرعي التي تصدرت مع مهنة الزراعة قديماً على كل المهن الأخرى كالحدادة والخرازة وغيرها, ولم تقتصر هذه المهنة على سكان البادية في المملكة قديماً, بل اتخذ بعض سكان الحاضرة الرعي مهنة وظيفية كمصدر يكسب منه راتباً مقطوعاً من أصحاب الأغنام في القرية, التي يخرج بها للرعي بعد جمعها فجراً, ويعود بها عند الغروب بمقابل مادي, والرعي مهنة لم تندثر لما لها من تأثير إيجابي على الفرد والمجتمع, إلا أنها انحصرت وحُدد لها نطاقات رعوية معروفة في كل بلد, كتنظيم للرعي, وللحفاظ على الغطاء النباتي المهم في موازنة البيئة. لمهنة الرعي قيمة معنوية, وتاريخية, وتربوية, يتمتع من يمارسها بصفات ذهنية منها: الفراسة, الصبر, والحكمة, والتدبر, وحسن القرار, والقيادة, والمعرفة, وصفات جسدية منها: القوة, والتحمّل, والنشاط. قصيدة طريفه للشاعر سليمان بن شريم عن عنزه التي ضاعت مع الشاوي (راعي الغنم) قول: يوم انك تظهر يا صالح امس الصبح وقبل البارح حيثك فطن وقلبك صاحي خبري بك رجالٍ فالح ماشفت العنز المسروقه اللي وخذت مني بوقه تالي ثمنتها مفهوقه مشراي إلها قبل البارح دورها كودك تلقاها تراني مسقم ببلاها وهي ضاعت في مفلاها لجل الشاوي خبلٍ سايح العنز الربشا الماسومه عليها المطرق ورقومه ما نرحصها بأول سومه واللي تمسي عنده رابح حوا عطر مدامعها أذانيها تشرب معها يا حظك ياللي طامعها ياقط واللي غيره قامح تجي حلبتها وقيه والاخرى ملي الشاميه بكر بالديد او ثنيه وشلون الى صارت قارح ما حلبناه الا مره حلوه لكن نضحة مره ما باقي منها إلا الجره نهار ان الشاوي سارح انا من المغرب رحت انزي بلشانٍ في دورة عنزي واثر الشاوي قلبه جنزي ضربني بالموس الجارح يقول العنز مخليها بالبر ابك هو علمي فيها قلت اقمح توي شاريها لوني داري صاح الصايح عسى الله ما يرعى الراعي اثره عكروك طماعي ضيع عنزي واكل صاعي وأنا قلبي مثل الفايح والله ما دون يدورها ولا ينقل خسايرها وان عيا حيثه خابرها تليته للقاضي صالح انا وياه وشرع الله يرضينا كنا خلق الله اللي يرضون بحكم الله نرضا به والخاطر سامح اما حصلناها شرعا ولا خل الدرعا ترعا كنه بقر راعي القرعا يشرونه والفايت رايح حفيت رجلي من الدوره وهي بالديره مذكوره عليها راس الباكوره فراق العذب من المالح اتبعت الصيحه بالصيحه كني ماخوذ التصبيحه قل لاعادت من تسريحه ما طاوعت الشور الناصح يقول احفظها في دارك ولا يدري عنها جارك ترا الحكمة كتم اسرارك والتنشيد العيب الفاضح ربح الجالب قبل الحالب غلبني وامر الله غالب هذي امقطعة الطلايب لو قيل ان العنز اتمانح ليت الله ناهيني عنها قبل اشرب قرطوع منها اخلفها واخلف ثمنها يا رب الصالح والطالح ويقوم الابناء من الجنسين في سن مبكرة برعي الاغنام حول الحمى يقول الشاعر: يسقى زمان فات يوم كنت وياه نسرح فالغنم يوم النوايا طيبه وقلوب اهلنا صافية ليس عيبا أن نكون ابناء رعاة في بيئة قاسية, استطاع اجدادنا تسخير ما وجدوه فيها لحاجتهم, وذكر الله ما للماشية من فوائد أمدت الانسان بحاجته, وأهمها البيوت, والأثاث كما جاء في محكم كتابه سبحانه وتعالى, فكانت مهنة الرعي مهنة تاريخية مارسها الانسان بعد استئناس الحيوان منذ القدم . الرعي اليومي مهنة شاقة إذا سار المرياع سار القطيع