في العصر الجاهلي كانوا يعتبرون الابتسامة سلوكا اجتماعيا مستهجنا، ونقطة ضعف في شخصية وكيان الإنسان لا ينبغي للرجل على وجه التحديد أن يمارسها في حياته الاجتماعية وبين الأقوام، بل على الرجل أن يكون صاحب وجه عبوس قمطرير؛ مكفهر الوجه ومتقطب الجبين لا تعرف الابتسامة طريقها ليرهب الناس بهذا السلوك القبيح وكأنه طائر النكد، هذا الطائر الذي يعيش في جزر سيري لانكا وجنوب الهند، ويصفه علماء الطيور بأنه يتصف بنشافة الوجه والعبوسية والوجه المقلوب؛ تماما كأنه يعيش في العصر الجاهلي متأثرا ببيئتهم الجافة وتصحرهم العاطفي، فجاء الإسلام بمنهجه القويم وشريعته السمحة وبعد أن بعث معلم البشرية وسيدها «محمد» - صلى الله وعليه وسلم - حاملا المشعل المضيء، ليصحح المفاهيم الجاهلية والمعتقدات الباطلة ومنها موضوع الابتسامة، ليؤكد الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام أن الابتسامة هي أفضل شيئ يقدمه الإنسان المؤمن لأخيه، فالنبي الأعظم كانت الابتسامة منهجه وسلوكه عليه الصلاة والسلام في حياته ولذلك أمرنا بالتبسم انطلاقا من قوله - صلى الله وعليه وسلم - (تبسمك في وجه أخيك صدقة) وهذا - لا مناص - تشجيعا للناس كافة ليتعلموا ثقافة التبسم وينشروا السعادة والسرور فيما بينهم لعيشوا حياة أفضل صحيا ونفسيا واجتماعيا وعاطفيا، فالابتسامة لها فوائد جمة ومكاسب عدة فهي اجتماعيا تعزز رصيدك في بنك العلاقات الاجتماعية وتوسع دائرة العلاقات الإنسانية باعتبارها مفتاح القلوب وجواز سفر المرور، ونفسيّاً علاجاً فعالاً للاكتئاب كما أنها تنشط مادة الاندورفين الذي يكافح ويقلل من هرمونات التوتر وترفع الحالة المزاجية وتضبط ساعة الاضطرابات النفسية، وصحياً تساهم في تعزيز جهاز المناعة وتساعد على الوقاية - بإذن الله - من الأمراض العضوية خاصة أمرض العصر «الضغط والسكر وهيجان القولون وتصلب الشرايين»، والابتسامة قبل كل شيء صدقة وأجر وثواب، والصدقة باب من أبواب الجنة، فما أجمل أن ننشر ثقافة التبسم في مجتمعنا حتى نخفف كثيرا من الآهات والآلام التي يعاني من مثالبها البعض في حياتهم اليومية فليس بالضرورة أن يكون الإنسان خاليا من الهموم والمشكلات حتى يبتسم، فقدوتنا وحبيبنا رسول الأخلاق عليه الصلاة والسلام كان يبتسم دوما رغم الأحزان التي تلاحقه من وقت لآخر، وكانت البسمة إحدى صفاته الأخلاقية التي تحلى بها حتى صارت منهجاً في حياته الاجتماعية لا يفرق في حسن لقائه وابتساماته بين الغني والفقير والصغير والكبير، عن عبدالله بن الحارث - رضي الله عنه - قال: (ما رأيت أحداً أكثر تبسماً من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)، وأخيراً الابتسامة في وجه أخيك هي كلمة طيبة بغير حروف.